وإن كان الأقوى جواز المسح على الحائل أيضاً.


الأوّل على الثاني لا محالة ، وهذا لا لأجل الوجوه الاعتبارية والاستحسانية التي عمدتها ما ذكره الشهيد قدس‌سره من أن غسل الرجلين أقرب إلى المأمور به من مسح الخفّين ، نظراً إلى أن في غسلهما يتحقق مسح البشرة بالرطوبة لا محالة وإن كانت الرطوبة رطوبة خارجية ، وهذا بخلاف المسح على الخفين لعدم تحقق المسح على البشرة وقتئذٍ بوجه لا برطوبة الوضوء ولا بالرطوبة الخارجية ، ومن الظاهر أن المسح بالرطوبة الخارجية أقرب إلى المأمور به أعني مسح الرجلين برطوبة الوضوء (١) وذلك لعدم إمكان الاعتماد على الوجوه الاعتبارية بوجه ، ومن الواضح أن مسح البشرة بالرطوبة الخارجية غير معدود بالنظر العرفي ميسوراً للمسح على البشرة برطوبة الوضوء.

بل الوجه في تقديم الغسل على مسح الخفين هو أنه إذا قلنا بعدم جريان التقيّة في المسح على الخفين على ما نطقت به الروايات فلا إشكال في أن المتعيّن هو الغسل ، وإذ قلنا بجريانها في مسح الخفين أيضاً بحمل الروايات على أن عدم التقيّة فيه من خصائصهم عليهم‌السلام حسبما فهمه زرارة أيضاً تعيّن عليه الغسل ، وذلك لأن الغسل مما ورد به الأمر بالخصوص ولم يرد أمر بمسح الخفين إلاّ في رواية أبي الورد وقد عرفت أنها ضعيفة السند وغير قابلة للاعتماد عليها ، وظاهر الأمر بغسل الرجلين هو التعيّن وعدم كفاية غيره عنه في موارد التقيّة ، فمقتضى الأصل اللفظي أعني ظهور الأمر في التعيين وجوب تقديم الغسل على مسح الخفين ، كما أن غسلهما موافق للاحتياط ، لأن المورد من موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، حيث لا نحتمل وجوب المسح على الخفين تعييناً بخلاف غسل الرجلين ، والاحتياط حينئذٍ إنما هو باختيار ما يحتمل فيه التعيّن ، هذا كلّه فيما إذا دار الأمر بينهما ، وأما إذا لم يتمكّن إلاّ من المسح على الخفين فلا شك في تعيّنه ، وهذا ظاهر.

__________________

(١) الذكرى : ٩٠ السطر ١٩.

۴۴۶