من شهر رمضان؟ فقال : إي والله أفطر يوماً من شهر رمضان أحب إليَّ من أن يضرب عنقي » (١) فان هذه الرواية وإن لم تشتمل على قضاء ذلك اليوم الذي أفطر فيه تقيّة ، إلاّ أن كلمة « أفطر » التي صدرت منه عليه‌السلام ظاهرة في أن ما صنعه من أكل وشرب كان مفطراً لصومه ، وأنه قد بطل بارتكابه ، فلو كان الإفطار تقيّة غير مبطل للصوم ولا موجب لارتفاعه لم يكن وجه لتوصيفه ذلك الفعل بالإفطار ، فقد دلّتنا هذه الرواية على أن ترك الصيام تقيّة غير مقتض للإجزاء ، بل لا بدّ من قضائه لبطلانه بالإفطار.

وبرواية رفاعة عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال « دخلت على أبي العباس بالحيرة فقال : يا أبا عبد الله ما تقول في الصيام اليوم؟ فقال : ذاك إلى الامام إن صمت صمنا إن فطرت أفطرنا ، فقال : يا غلام عليَّ بالمائدة فأكلت معه وأنا أعلم والله أنه يوم من شهر رمضان ، فكان إفطاري يوماً وقضاؤه أيسر عليَّ من أن يضرب عنقي ولا يعبد الله » (٢) وهي صريحة الدلالة على عدم إجزاء ترك الصوم تقيّة ووجوب قضائه بعد ذلك.

ولا يخفى أن كبرى عدم إجزاء ترك العمل رأساً عن الوظيفة المقررة وجوباً وإن كانت مسلمة كما عرفت ، إلاّ أن تطبيقها على الإفطار تقيّة لحكم حاكمهم بثبوت الهلال مما لا وجه له ، والسر في ذلك : أن إلزام الإمام عليه‌السلام أو غيره على إظهار الموافقة لحكم حاكمهم إنما يقتضي الإفطار في قطعة خاصة من اليوم كساعة أو ساعتين ونحوهما أو طول المدّة التي كان عليه‌السلام عند الحاكم في تلك المدة مثلاً ولا يقتضي التقيّة أزيد من الإفطار في ذلك الزمان كتمام النهار من أوله إلى آخره وعليه فالمكلف العامل بالتقية حينئذٍ لا يترك صيامه الواجب في مجموع النهار ، وإنما تركه تقيّة في جزء خاص منه مع تمكنه من الصيام في المدة الباقية من النهار ، ومعه‌

__________________

(١) الوسائل ١٠ : ١٣١ / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥٧ ح ٤.

(٢) الوسائل ١٠ : ١٣٢ / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥٧ ح ٥.

۴۴۶