تنبيه : ما قدمناه من أن العمل المأتي به تقيّة إذا كان مما يبتلي به غالباً وهو بمرأى من الأئمة عليهم‌السلام فسكوتهم وعدم ردعهم عن ذلك العمل وعدم تعرضهم لوجوب إعادته أو قضائه يكشف كشفاً قطعياً عن صحته وإجزائه عن الإعادة والقضاء وسقوط المأمور به الأوّلي بسببه وارتفاع جميع آثاره ، إنما يختص بما إذا كانت الآثار المترتبة عليه من الآثار التي تترتب على فعل المكلف بما هو فعله ، كما في غسل اليد منكوساً أو غسل رجليه أو التكتف في الصلاة إلى غير ذلك من الأفعال المترتبة عليها آثارها ، فإن أمثالها إذا استندت إلى التقيّة ارتفعت عنها آثارها كما عرفت.

وأما إذا لم تكن الآثار المترتبة عليه من آثار فعل المكلف ، فالتقية في مثله لا يرفع عنه آثارها بوجه ، سواء استندنا في الحكم بصحة العمل المتقى به وإجزائه إلى السيرة العملية أم إلى الأدلّة اللفظية كقوله عليه‌السلام « ما صنعتم من شي‌ء ... » (١) لاختصاصها بما إذا أتى المكلّف بعمل وصنع صنعاً يترتب عليه آثاره ، وعليه فلو فرضنا أنه غسل ثوبه المتنجس مرة فيما يجب غسله مرتين تقيّة أو غسله من دون تعفير فيما يجب تعفيره أو من غير إزالة عين النجس ، لعدم كونه نجساً عندهم كما في المني على ما ينسب إلى بعضهم ، لم يحكم بذلك على ارتفاع نجاسة الثوب أو الإناء ، ولا بسقوط اعتبار الغسل مرة ثانية أو التعفير أو غير ذلك مما يعتبر في التطهير واقعاً وذلك لأن النجاسة ووجوب الغسل مرتين أو مع التعفير أو غيرهما ليست من الآثار المترتبة على فعل المكلّف بما هو فعله ، وإنما هي من الآثار المترتبة على ملاقاة النجس وهي ليست من أفعال المكلّفين. نعم لو صلّى في ذلك الثوب تقيّة أو اضطراراً حكمنا بصحّتها.

وهذا نظير ما قدمناه في محله عند التعرض لحديث الرفع من أن الاضطرار والإكراه إنما يوجبان ارتفاع الآثار المترتبة على الفعل المكره عليه أو المضطر إليه ، ولا يرتفع بهما الآثار المترتبة على أمر آخر غير الفعل ، كما إذا اضطر إلى تنجيس شي‌ء‌

__________________

(١) الوسائل ٢٣ : ٢٢٤ / أبواب كتاب الأيمان ب ١٢ ح ٢.

۴۴۶