فقد استدلّ قدس‌سره بقوله : « على ما استطاع » على أن ما أتى به المكلف من الأجزاء والشرائط تقيّة كاف ومجزئ في مقام الامتثال ، سواء كان ما أتى به تمام الأجزاء والشرائط أم كان بعضهما.

ولا يخفى غرابة ذلك منه قدس‌سره لأن مضمون الرواية على ما هو ظاهرها ، أن الامام إذا لم يكن إمام عدل فلا يجعل المأموم صلاته تطوعاً كما كان يجعلها كذلك في الصورة الاولى ، بل يظهر للناس أنه جعلها تطوعاً بأن يصلي ركعة أُخرى ثم يتشهد من دون أن يسلم بعدها ، ويقوم بعد ذلك ويصلي صلاته بنفسه مظهراً للغير الائتمام والاقتداء بالإمام الحاضر بقدر يستطيعه من الإظهار والإبراز ، لأن التقيّة واسعة وهذا لا اختصاص له بالائتمام من أول الصلاة ، بل لو أظهر الائتمام في أثناء الصلاة أيضاً كان ذلك تقيّة ، كما أن لها طريقاً آخر غيرهما ، وما من شي‌ء من أنحاء التقيّة إلاّ وهو واجب أو جائز وصاحبه مأجور عليه ، وعلى ذلك لا دلالة للرواية على جواز الاكتفاء في الصلاة معهم بما يتمكن منه من الأجزاء والشرائط ، هذا.

على أن الرواية مضمرة وللمناقشة في سندها أيضاً مجال ، لأن مضمرها وهو سماعة ليس كزرارة ومحمد بن مسلم وأضرابهما من الأجلاء والفقهاء الذين لا يناسبهم السؤال عن غير أئمتهم عليهم‌السلام بل هو من الواقفة ومن الجائز أن يسأل غير أئمتنا عليهم‌السلام.

ولقد صرّح بما ذكرناه في معنى الرواية صاحب الوسائل قدس‌سره وعنون الباب باستحباب إظهار المتابعة حينئذٍ في أثناء الصلاة مع المخالف تقيّة فلاحظ (١). ولعل الشيخ قدس‌سره لم يلفت نظره الشريف إلى عنوان الباب في الوسائل.

ومنها : ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث « ... وتفسير ما يتقى مثل أن يكون قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على غير حكم الحق وفعله ، فكل شي‌ء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقيّة مما لا يؤدي إلى الفساد في‌

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٤٠٤.

۴۴۶