السلام ) ... ما صنعتم من شي‌ء أو حلفتم عليه من يمين في تقيّة فأنتم منه في سعة » (١) لأن إطلاق قوله عليه‌السلام « ما صنعتم » يشمل إتيان العمل فاقداً لجزئه أو شرطه أو واجداً لمانعه ، إذن فالمكلف في سعة من قبل ترك الجزء أو الشرط أو الإتيان بالمانع ، فلا يترتب عليه التكليف بالإعادة أو القضاء ، وهي نظير ما ورد من أن الناس في سعة ما لم يعلموا (٢) فكما أنه يدلنا على ارتفاع المشكوك جزئيته أو شرطيته ، لأنه معنى كونهم في سعة ما لا يعلمون ، فكذلك الحال في هذه الصحيحة فتدلّنا على ارتفاع الجزئية أو الشرطية أو المانعية عند التقيّة.

ويرد على الاستدلال بهذه الرواية : أنها وإن كانت تامّة بحسب السند ، غير أنها بحسب الدلالة غير تامّة ولا دلالة لها على ذلك المدعى ، والوجه في ذلك : أن السعة إنما هي في مقابل الضيق ، فمدلول الصحيحة أن العمل المأتي به في الخارج إذا كان فيه ضيق في نفسه لولا التقيّة فيرتفع عنه ضيقه ويتبدل بالسعة فيما إذا اتي به لأجل التقيّة والاضطرار ، مثلاً شرب المسكر أمر فيه ضيق من ناحيتين لولا التقيّة وهما جهتا حرمته وحدّه ، لأن من شربه متعمداً بالاختيار ترتب عليه العقوبة والحد ويحكم بفسقه لارتكابه الحرام بالاختيار ، فيقع المكلف في الضيق من جهتهما ، فاذا صدر منه ذلك من أجل التقيّة أو الاضطرار ، لأنه لو لم يشربه لقتله السلطان أو أخذ أمواله أو مات في وقته لمرضه ، ارتفعت عنه الجهتان ولا يترتب عليه الحرمة ولا الحد فيكون المكلّف في سعة من قبلهما ، وكذلك الحال فيما إذا تناول ما لا يراه العامّة مفطراً للصوم ، فإنه مما يترتب عليه الحكم بالحرمة كما أنه موجب للكفّارة لا محالة ، لأنه إفطار عمدي على الفرض ، إلاّ أنهما ترتفعان عن ذلك فيما إذا استند إلى التقيّة والاضطرار ، ويكون المكلّف في سعة من جهة الحرمة والكفارة.

وعلى الجملة : إن مقتضى الصحيحة أن أيّ أثر كان يتعلق بالعمل أو يترتب عليه‌

__________________

(١) الوسائل ٢٣ : ٢٢٤ / أبواب كتاب الايمان ب ١٢ ح ٢.

(٢) المستدرك ١٨ : ٢٠ / ٤ ، وورد مضمونها في الوسائل ٢٥ : ٤٦٨ / أبواب اللقطة ب ٢٣ ح ١.

۴۴۶