شيخنا الأنصاري قدس‌سره في ارتفاع الآثار من جهة التقيّة والاضطرار ، نظراً إلى أن المرفوع في حديث الرفع ليس هو جميع الآثار المترتبة على الفعل المأتي به بداعي التقيّة أو الاضطرار ، وإنما المتيقن رفع خصوص المؤاخذة على الفعل ، وأما ارتفاع جميع آثاره بالاضطرار فلم يقم عليه دليل ثم أمر بالتأمل (١).

ولا بدّ لنا في المقام من التكلم على جهات ثلاث :

الجهة الاولى : أن التقيّة والاضطرار هل يوجبان ارتفاع الأحكام التكليفية المتعلقة بالفعل المأتي به تقيّة أو اضطراراً أو لا يوجبان؟ كما إذا اضطر إلى ارتكاب فعل حرام كشرب الخمر ونحوه ، أو إلى ترك واجب من الواجبات كترك صوم يوم من شهر رمضان.

الجهة الثانية : أن التقيّة والاضطرار هل يرفعان الأحكام المترتبة على الفعل المأتي به تقيّة ، أعني الأحكام التي نسبتها إلى الفعل المأتي به نسبة الحكم إلى موضوعه المترتب عليه لا نسبة الحكم إلى متعلقه كما في الجهة الأُولى ، بلا فرق في ذلك بين الأحكام التكليفية والوضعية؟ وذلك كوجوب الكفارة المترتبة على ترك الصوم في نهار شهر رمضان ، أو على إتيان بعض المحرمات على المحرم في الحج ، وكالضمان المترتب على إتلاف مال الغير من جهة الاضطرار كالمخمصة ونحوها أو من جهة التقيّة ، كما إذا قسم الحاكم السنِّي مال شيعي وأعطى له حصته فقبلها وأتلفها تقيّة.

الجهة الثالثة : أن الجزئية أو الشرطية إذا اضطر إلى ترك جزء أو شرط أو تركهما تقيّة أو المانعية إذا اضطر إلى إتيان ما هو مانع من العمل أو أتى به تقيّة ، هل ترتفع للتقية والاضطرار حتى يحكم بصحة ما أتى به لمطابقته المأمور به ويسقط عنه وجوب الإعادة والقضاء ، أو لا ترتفع؟

أمّا الجهة الاولى : فلا ينبغي الإشكال في أن الاضطرار إلى فعل المحرم أو ترك الواجب يرفع الإلزام عن ذلك الفعل ، لحديث الرفع وغيره مما دلّ على حلية الفعل‌

__________________

(١) رسالة في التقيّة : ٣٢٠ السطر ٢٦.

۴۴۶