وكذا يدل عليه سكوتهم عليهم‌السلام في مقام البيان كما في الأخبار المتعرضة لاعتبار بعض الخصوصيات في الوضوء ، حيث لم يتعرض لاعتبار مسح اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى ، فلو كان ذلك أيضاً معتبراً في المسح والوضوء لبيّنه الامام عليه‌السلام كغيره ، لأنه كان في مقام البيان.

نعم ، ورد في صحيحة زرارة « وتمسح ببلّة يمناك ناصيتك وما بقي من بلّة يمينك ظهر قدمك اليمنى ، وتمسح ببلّة يسارك ظهر قدمك اليسرى » (١) وهي وإن كانت واضحة الدلالة على التعيين ، إلاّ أن الماتن قدس‌سره حملها على الاستحباب وبيان أفضل الأفراد ، تقديماً لإطلاق الكتاب والأخبار الكثيرة المتقدمة وسكوت بعضها عن اعتبار ذلك وهي في مقام البيان.

ويردّه : ما أشرنا إليه في المسألة المتقدمة ، من أنه ليس هناك أي مانع من تقييد الإطلاقات المذكورة بالرواية المعتبرة ، لأن المطلقات ليست بصدد البيان من تلك الناحية ، وحيث إن الصحيحة ظاهرة في التعيين ووجوب مسح اليمنى باليد اليمنى واليسرى باليد اليسرى ، لأن قوله عليه‌السلام « وتمسح » جملة فعلية ظاهرة في الوجوب ، لكونها في مقام الإنشاء وقد تقدم أنها جملة مستقلة وغير معطوفة على فاعل « يجزئك » المتقدم في صدر الصحيحة ، فلا مانع من تقديمها على إطلاقات الكتاب والسنّة بوجه.

وأمّا الأخبار الساكتة عن بيان ذلك وهي في مقام البيان ، فالتحقيق كما قدمناه أن عدم تعرّض الرواة لنقل هذه الخصوصية من جهة أن مسحهم عليهم‌السلام كان على النحو المتعارف عندنا ، أعني مسح اليمنى باليد اليمنى واليسرى باليد اليسرى ، وإلاّ فلو كان مسحهم عليهم‌السلام على غير الطريقة المتعارفة ، بأن كان كالأكل من القفا أعني مسح اليمنى باليسرى واليسرى باليمنى ، لوجب على الرواة نقل تلك الخصوصية لا محالة ، لأنها خصوصية زائدة يجب نقلها في مقام الحكاية والاخبار. إذن لا تبقى دلالة في ذلك على كفاية المسح مطلقاً.

__________________

(١) الوسائل ١ : ٣٨٧ / أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٢.

۴۴۶