ذلك استكشفنا أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام كانوا يمسحون بباطن الكف ، إذن فهو أمر معتبر في صحة الوضوء.

ومنها : أن المسح لا بدّ أن يكون بالأصابع ، ذهب جماعة إلى اعتبار ذلك في الوضوء إلاّ أنه مما لا شاهد له من النصوص ، لأن الأخبار البيانية غير مشتملة على أنهم عليهم‌السلام قد مسحوا رؤوسهم بأصابعهم ، بل مقتضى إطلاقاتها عدم لزوم كون المسح بالأصابع ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو الأئمة عليهم‌السلام لو كانوا مسحوا بأصابعهم لنقلته الرواة ، لوجوب نقل الخصوصيات الدخيلة في الأحكام الشرعية على الرواة ، وحيث لم ينقلوها في رواياتهم وهي مطلقة فيستكشف من ذلك عدم اعتبار المسح بالأصابع.

واحتمال أن المطلقات منصرفة إلى المسح بالأصابع ، لأنه الفرد المتعارف من المسح بعيد ، لعدم كون المسح بغير الأصابع فرداً نادراً فإنه أيضاً كثير ، وغاية الأمر أن يكون المسح بالأصابع أكثر ، هذا.

على أنّا لو سلمنا ندرة ذلك في الوضوء مع أن الأمر ليس كذلك فلا ينبغي التأمل في أن المسح في غير الوضوء بغير الأصابع ليس من الأفراد النادرة قطعاً.

مثلاً إذا قيل : مسح فلان على رأس طفل أو مسحت رأسه ، كان ظاهراً في أنه مسحه بيده وكفه لا بأصابعه ، فإنه الفرد الغالب في مسح الرأس وأمثاله ، وحيث إن نزول الآية المباركة وصدور الأخبار متأخران عن استعمال المسح في المحاورات العرفية ، فلا مناص من حمله فيهما على إرادة ما هو الظاهر منه في الاستعمالات ، وقد عرفت أنه بحسب المحاورات العرفية كما يطلق على المسح بالأصابع كذلك يطلق على المسح باليد ، فالانصراف مما لا أساس له.

نعم ، سبق أن احتملنا انصراف المطلقات في المسح إلى المسح باليد ، ولكنه مستند إلى ندرة المسح بغير اليد ، وليس المسح بغير الأصابع نادراً كما مرّ. فتحصل أن تعيّن المسح بالأصابع مما لا وجه له ، نعم لا بأس بالقول بالأولوية الاستحبابية لاحتمال اعتباره شرعاً.

۴۴۶