الربع المقدِّم أيضاً؟

وقد مال صاحب الجواهر قدس‌سره (١) في أول كلامه إلى تعيّن خصوص الناصية ، وذلك لما ورد في صحيحة زرارة المتقدمة من قوله عليه‌السلام « وتمسح ببلة يمناك ناصيتك » (٢) لأنها كما تقدّم (٣) وإن كانت جملة خبرية ، إلاّ أنها مستعملة في مقام الإنشاء ، وهي جملة مستقلة وغير معطوفة على فاعل يجزئك ، إذن تدلنا تلك الجملة على تعيّن المسح على خصوص الناصية.

ولمّا ورد في رواية عبد الله بن الحسين عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام من قوله : « لا تمسح المرأة بالرأس كما يمسح الرجال ، إنما المرأة إذا أصبحت مسحت رأسها وتضع الخمار عنها ، وإذا كان الظهر والعصر والمغرب والعشاء تمسح بناصيتها » (٤) وهما مقيدتان للأخبار المطلقة الدالة على وجوب كون المسح بمقدّم الرأس ، إلاّ أنه قدس‌سره عدل عن ذلك في آخر كلامه وجوّز المسح بكل جزء من أجزاء الربع المقدم من الرأس ، وجعل المسح على خصوص الناصية أحوط وأولى ، وأضاف أخيراً أنّ المسألة لا تخلو عن إشكال ، هذا وفي المسألة احتمالات.

احتمالات المسألة : الأوّل : أن يقال بتعيّن خصوص الناصية تقديماً للروايتين المتقدمتين على الأخبار المطلقة من باب حمل المطلق على المقيد ، وذلك بناء على أن الطائفتين متنافيتان بحسب الابتداء ، لأن الناصية ومقدّم الرأس أمران أحدهما غير الآخر ، فلا بدّ أن تجعل الروايتان مقيدتين للأخبار المطلقة كما هو الحال في غير المقام.

الثاني : أن يقال بجواز المسح على مطلق الربع المقدّم من الرأس ، وبجعل المسح على خصوص الناصية أفضل الأفراد هذا ، ولا يخفى أنه إذا بنينا على تعارض الطائفتين وكون الناصية ومقدّم الرأس أمرين متغايرين يتعيّن الاحتمال الأول لا محالة ، وذلك لما‌

__________________

(١) الجواهر ٢ : ١٧٩.

(٢) الوسائل ١ : ٤٣٦ / أبواب الوضوء ب ٣١ ح ٢.

(٣) في ص ١١٠.

(٤) الوسائل ١ : ٤١٤ / أبواب الوضوء ب ٢٣ ح ٥.

۴۴۶