خاليا عن الحرارة أو البرودة أو المتوسطة. وكذلك فتشنا فوجدناها خالية عن جميع الكيفيات الانفعالية إلّا الرطوبة واليبوسة والمتوسطة بينهما، فعلم بهذا الاستقراء ان العناصر البسيطة لا تخلو عن احدي الكيفيّتين الفعليتين أي الحرارة والبرودة، ولا عن احدى الكيفيتين الانفعاليتين اي الرطوبة واليبوسة. ولما كانت الازدواجات الممكنة الثنائية غير زائدة على أربعة: الحرارة مع اليبوسة، والحرارة مع الرطوبة، والبرودة مع الرطوبة، والبرودة مع اليبوسة كانت البسائط الموضوعة لتلك المزدوجات أربعة: الموضوع للحرارة واليبوسة وهو النار، والموضوع للحرارة والرطوبة وهو الهواء، والموضوع للبرودة والرطوبة وهو الماء، والموضوع للبرودة واليبوسة وهو الأرض.

والدليل على انها كرات هو انها بسائط وقد علمت أن الشكل الذي تقتضيه البساطة هو الكرى. انتهت تلك الزيادة.

قوله: ولأن خسوف القمر اذا اعتبر الخ. ١٥٩ / ٧

ولذلك كانوا بخسوف القمر يحصّلون مقادير اطوال البلاد. وهذا الطريق في تحصيل الطول قد أتى به من المتأخرين صاحب الزيج البهادري في الباب الخامس عشر من المقالة الثالثة منه (ص ٨٠) وأما في ازياج المتقدمين وصحفهم النجومية الهيوية فكثير ذكره. منها المجسطي الاسلامي قانون ابي ريحان البيروني تغمده الله برحمته فان الباب الأول من المقالة الخامسة منه في بيان تصحيح اطوال البلدان بالخسوفات وقد بسط القول فيه وأحسن وأجاد وافاد وهذا الاثر القويم العظيم لم تجد له بديلا بل عديلا في موضوعه.

واعلم أن الطريق المذكور في تحصيل اطوال الآفاق جار في خسوف القمر فقط، ولا يمكن تحصيلها من كسوف الشمس لأن كسوفها ليس بانمحاء نورها واقعا بل بحيلولة القمر بينها وبين الأرض ولذا يختلف الكسوف باختلاف الآفاق بسبب اختلاف المنظر اختلافا يتفق في افق أن ينكسف الشمس كليا، وفي افق آخر ان ينكسف جزئيا، أو لم ينكسف اصلا؛ بخلاف القمر فان انخسافه انمحاء نوره واقعا لوقوعه في ظل الأرض وعدم امكان كسبه النور من الشمس فمتى تحقق خسوف القمر في افق كانت الآفاق الاخرى على سواء في رؤيته على التفصيل الذي بيّن في محلّة. ثم ان من ادلّة ارسطو على كروية الأرض ما يرى من ظل الأرض على صفحة القمر حين الخسوف فان الظل يرى مدورا وظل الكرة فقط مدور فالأرض كرة.

وفي المقام ادلة اخرى ذكرناها مع الإشارة الى مصادرها ومأخذها في كتابنا الموسوم بدروس

۶۴۶