والثاني : هو الحادث الذي يقع بحسب فعل آخر كالحركة الصادرة عن الاعتماد ، ويسمونه المسبب ويسمّون الأوّل سبباً سواء كان الثاني حادثاً في محل القدرة أو في غير محلها.

__________________

قال قطب الدين النيسابوري المقري : «الاعتماد معنىً إذا وُجِدَ أوجب كون محله في حكم المدافع لما يُماسّه مماسة مخصوصة ـ إلى أن قال ـ : إنّ أحدنا إذا وضع حجراً على يده ، وجد اعتماد الحجر حتى كأنّه في يده فهذا طريق إلى إثبات الاعتماد» (١).

ونذكر نكتتين :

الأولى : أنّ تعريف الفعل المباشر (الحادث ابتداءً بالقدرة في محلها) لا ينطبق على الميل الموجود في الأجسام ، فإنّه أمر طبيعي لها لا فعل لها على عقيدة القدماء حيث قالوا : إنّ في كل جسم ميلاً طبيعياً إلى مركزه (الأرض) ـ أو معلول جاذبيّة الأرض على المقرّر في العلم الحديث ، مع أنّ الظاهر منهم أنّه فعل ، حيث قال : «هو الحادث الذي يقع بحسب فعل آخر كالحركة الصادرة عن الاعتماد» ، حيث سمّى الاعتماد فعلاً ، نعم هو فعل الله بمعنى أنّه أوجد الميل في الأجسام ، ولكن لا يُعدّ فعلاً للبشر إلّا أن يكون المراد أنّه فعل الله ومقدوره.

الثانية : أنّ حركة الأعضاء على هذا فعل متولّد مع أنّه من الأفعال المباشرية عند الحكماء والأُصوليين ، وما هذا لأنّ الاعتماد والميل ليس عندهم فعلاً.

٣ ـ عرّفوا المخترع بما يفعل لا لمحل. ومثاله الأجسام وبل خلق السماوات والأرض.

ويُنقض الحصر بالأعراض ، فإنّها ليست من الأقسام الثلاثة ، إلّا أن يدرج في المتولّد ، لأنّه الحادث بعد فعل وهو خلق الأجسام ، وعلى كل تقدير التقسيم مبني على حصر الأفعال بالمادة والماديات ، مع أنّه أعم منها ومن المجرّدات التي غفل عنه المتكلمون غير الواعين منهم.

ثمّ إنّ الفعل المباشر وقع مثاراً للبحث وأنّه فعل اختياري أو لا ، ويتلوه في هذا النزاع : المتولد ، فاختاره الماتن أنّه منسوب إلى الإنسان ، فهو أيضاً فعل اختياري ، فعلم أنّ

__________________

(١) الحدود : المعجم الموضوعي للمصطلحات الكلامية : ٣٦ ، ولاحظ شرح المقاصد : ٢ / ٢٤٤.

۳۰۸۱