قال : ومع الاجتماع يقع مرادُه تعالى.

أقول : هذا جواب عن شبهة أُخرى لهم ، وتقريرها : أن العبد لو كان قادراً على الفعل (١) لزم اجتماع قادرين على مقدور واحد ، والتالي باطل فالمقدم مثله.

بيان الشرطية : أنّه تعالى قادر على كل مقدور ، فلو كان العبد قادراً على

__________________

(١) استدل على أنّ قدرة العبد غير صالح للإيجاد ، وذلك فيما إذا أراد الله تسكين جسم وأراد العبد تحريكه ، فله صور ثلاث :

١ ـ أن يقع المرادان. وهو محال ، استلزامه اجتماع النقيضين.

٢ ـ أن لا يقع المرادان. وهو محال ، لاستلزامه ارتفاعهما.

٣ ـ أن يقع أحدهما دون الآخر ، يلزم الترجيح بلا مرجح لأنّ المفروض أنّ كلّا من القدرتين علّة تامة للمراد فلا ترجح إحداهما على الأُخرى.

قال الرازي في أربعينه : «لو كانت قدرة العبد صالحة للإيجاد فإذا أراد الله تسكين جسم وأراد العبد تحريكه فإمّا أن يقع المرادان أو لا يقع واحد منهما وهما محالان ، أو يقع مراد الله تعالى دون مراد العبد وهو أيضاً محال لأنّ الله تعالى وإن كان قادراً على ما لا نهاية له ، والعبد ليس كذلك ، إلّا أنّ ذلك لا يوجب التفاوت بين قدرته تعالى وقدرة العبد في هذه الصورة ، لأنّ الحركة الواحدة والسكون الواحد ماهية غير قابلة للقسمة والتفاوت بوجه من الوجوه ، وإذا كان المقدور غير قابل للتفاوت لم يكن القدرة على مثل هذا المقدور قابلة للتفاوت ، فيمتنع أن يكون قدرة الله تعالى على إيجاد هذه الحركة أقوى من قدرة العبد على ايجاد السكون» (١).

وقد اشتبه الأمر على الرازي ، فتخيل أنّ المورد أيضاً من موارد برهان التمانع الذي أقاموه على وحدة الخالق للعالم. وذلك لأنّ إرادته سبحانه في المقام من موانع ظهور إرادة العبد في لوح نفسه ، فكيف تعدّ الإرادتين متساويتين. بخلاف المورد الآخر فإنّ الإلهين المفروضين تامان في القدرة.

__________________

(١) الرازي : الأربعون : ٢٣٢ ، لاحظ أيضاً الإلهيات : ٢ / ٢٧٣.

۳۰۸۱