التسلسل أو الانتهاء إلى ما يجب معه الترجيح وهو ينافي التقدير ويستلزم الجبر.

والجواب : أنّ الفعل بالنظر إلى قدرة العبد ممكن وواجب بالنظر إلى داعيه وذلك لا يستلزم الجبر ، فإنّ كل قادر فإنّه يجب عنه الأثر عند وجود الداعي كما في حق الواجب تعالى فإنّ هذا الدليل قائم في حقه تعالى ووجه المخلص ما ذكرناه ، على أنّ هذا غير مسموع من أكثرهم حيث جوّزوا من القادر ترجيح أحد مقدوريه على الآخر من غير مرجح وبه أجابوا عن الشبهة التي أوردها الفلاسفة عليهم (١) ، فما أدري لم كان الجواب مسموعاً هناك ولم يكن مسموعاً هاهنا؟!

قال : والايجادُ لا يستلزمُ العلمَ إلّا مع اقتران القصد فيكفي الإجمالُ.

أقول : هذا الجواب عن شبهة أُخرى لهم ، وتقريرها : أنّ العبد لو كان موجداً لأفعال نفسه لكان عالماً بها ، والتالي باطل فالمقدم مثله ، والشرطية ظاهرة ، وبيان بطلان التالي أنّا حال الحركة نفعل حركات جزئية لا نعقلها وإنّما نقصد الحركة إلى المنتهى وإن لم نقصد جزئيات تلك الحركة.

والجواب : أنّ الإيجاد لا يستلزم العلم ، فإنّ الفاعل قد يصدر عنه الفعل بمجرد الطبع كالإحراق الصادر عن النار من غير علم ، فلا يلزم من نفي العلم نفي الإيجاد ، نعم الايجاد مع القصد يستلزم العلم لكن العلم الإجمالي كاف فيه وهو حاصل في الحركات الجزئية بين المبدأ والمنتهى.

__________________

(١) الشبهة التي أوردها الحكماء هي امتناع حدوث العالم زماناً ، فقالت الأشاعرة في حلها بجواز الترجيح بلا مرجح ، لاحظ كشف المراد الفصل السادس من المقصد الثاني : المسألة السادسة ص ١٧٣ قول الماتن فيها : «والحدوث اختص بوقته».

۳۰۸۱