والحيّز عنه ، فينتفى الرؤية عنه بالضرورة ، لأنّ كل مرئي فهو في جهة يشار إليه بأنّه هنا أو هناك ويكون مقابلاً أو في حكم المقابل ولما انتفى هذا المعنى عنه تعالى انتفت الرؤية.

قال : وسؤالُ موسى لقومه.

أقول : لما استدل على نفي الرؤية شرع في الجواب عن احتجاج الأشاعرة ، وقد احتجّوا بوجوه أجاب المصنف عنها :

الأوّل : أنّ موسى عليه‌السلام سأل الرؤية ولو كانت ممتنعة لم يصح منه السؤال.

والجواب : أن السؤال كان من موسى عليه‌السلام لقومه ليبين لهم امتناع الرؤية ، لقوله تعالى: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ (١) ، وقوله : ﴿أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا (٢).

قال : والنظر لا يدلّ على الرؤية مع قبوله التأويل.

أقول : تقرير الوجه الثاني لهم أنّه تعالى حكى عن أهل الجنة ، النظر إليه فقال : ﴿إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٣) والنظر المقرون بحرف ﴿إِلى يفيد الرؤية لأنّه حقيقة في تقليب الحدقة نحو المطلوب التماساً لرؤيته ، وهذا متعذر في حقه تعالى لانتفاء الجهة عنه ، فبقي المراد منه مجازه وهو الرؤية التي هي معلول النظر الحقيقي واستعمال لفظ السبب في المسبب من أحسن وجوه المجاز.

__________________

(١) البقرة : ٥٥.

(٢) الأعراف : ١٥٥.

(٣) القيامة : ٢٣.

۳۰۸۱