لكان إمّا فاعلاً لهما فكان يلزم وقوع المعروف قطعاً لأنّه تعالى يحمل المكلفين عليه وانتفاء المنكر قطعاً لأنّه تعالى يمنع المكلفين منه ، وإمّا غير فاعل لهما فيكون مخلاً بالواجب وذلك محال (١) لما ثبت من حكمته تعالى.

قال : وشروطهما : علمُ فاعلهما بالوجه ، وتجويزُ التأثير ، وانتفاءُ المفسدة.

أقول : شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثلاثة :

الأوّل : أن يعرف الآمر والناهي وجه الفعل ، فيعرف أنّ المعروف معروف وأن المنكر منكر وإلّا لأمر بالمنكر ونهى عن المعروف.

الثاني : تجويز التأثير ، فلو عرف أنّ أمره ونهيه لا يؤثران لم يجبا.

الثالث : انتفاء المفسدة ، فلو عرف أو غلب على ظنه حصول مفسدة له أو لبعض إخوانه في أمره ونهيه سقط وجوبهما دفعاً للضرر.

فهذا ما حصل لنا من شرح هذا الكتاب ، ونحن نسأل الله تعالى أن يجعله ذخراً لنا يوم المعاد وأن يوفقنا للرشاد بمنّه وكرمه ، والحمد لله وحده.

__________________

(١) الاستدلال غير تام لأنّ قياسه سبحانه بالحاكم قياس مع الفارق ، إذ لو أجبر سبحانه عبادَه على الإتيان بالفرائض واجتناب المعاصي يلزم الإخلال بالغرض وإبطال التكليف.

ثمّ إنّ البحث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المقام مع أنّه من الأحكام الفرعية لأجل صلته بالحسن والقبح المستلزمين للثواب والعقاب في الآخرة ، وبذلك يظهر وجه ذكر كثير من الأُمور في فصل المعاد ، كالشفاعة والمغفرة والإحباط والتكفير والتوبة وغيرها ، والمناسبة في الجميع واحدة.

* * *

تمّ التعليق بيد العبد الآثم المحتاج إلى عفو ربّه العاصم جعفر السبحاني

صبيحة يوم الخميس ، الثاني عشر من شهر شعبان من شهور عام ١٤١٦ ،

في جوار الحضرة الفاطمية عليها وعلى آبائها آلاف السلام والتحية.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

۳۰۸۱