فذكر موتتين : إحداهما في الدنيا والأُخرى في القبر ، وذكر إحياءين : أحدهما في الدنيا والآخر في القبر ، ولم يذكر الثالث لأنّه معلوم وقع فيه الكلام وغير الحي لا يتكلم وقيل إنّها أخبروا عن الاحياءين عرفوا الله تعالى فيهما ضرورة فأحدهما في القبر والآخر ولهذه عقب بقوله : ﴿فَاعْتَرَفْنا بذُنُوبنا.

وقال تعالى في حق آل فرعون : ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ (١) وهذا نص في الباب.

قال : وسائر السمعيات من الميزان والصراط والحساب وتطاير الكتب (٢) ممكنةٌ دلَّ السمعُ على ثبوتها فيجب التصديقُ بها.

أقول : أحوال القيامة من الميزان والصراط والحساب وتطاير الكتب أُمور ممكنة وقد أخبر الله تعالى بوقوعها فيجب التصديق بها ، لكن اختلفوا في كيفية الميزان :

فقال شيوخ المعتزلة : إنّه يوضع ميزان حقيقي له كفتان يوزن به ما يتبين من حال المكلفين في ذلك الوقت لأهل الموقف ، إمّا بأن يوضع كتاب الطاعات في كفة الخير ويوضع كتاب المعاصي في كفة الشر ويجعل رجحان أحدهما دليلاً على إحدى الحالتين أو بنحو من ذلك لورود الميزان سمعاً والأصل في الكلام الحقيقة مع إمكانها.

__________________

(١) غافر : ٤٦.

(٢) المراد نشرها ، قال سبحانه : ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (التكوير : ١٠) ، روى السيّد البحراني عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «الكتب كلّها تحت العرش فإذا كان يوم القيامة بعثَ الله تعالى ريحاً تُطيرُها بالأيمان والشمائل ، أوّل حرفه : ﴿اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (الإسراء : ١٤).

۳۰۸۱