قال : ويمكن اجتماعُ الوجوب والإمكان باعتبارين.

أقول : هذا جواب عن احتجاج من نفى علمه تعالى بالمتجددات قبل وجودها.

وتقرير كلامهم : أنّ العلم لو تعلق بالمتجدد (١) قبل تجدده لزم وجوبه ، وإلّا لجاز أن لا يوجد فينقلب علمه تعالى جهلا وهو محال.

والجواب : إن أردتم بوجوب ما علمه تعالى ، أنّه واجب الصدور عن العلم فهو باطل لأنّه تعالى يعلم ذاته ويعلم المعدومات ، وإن أردتم وجوب المطابقة لعلمه فهو صحيح لكن ذلك وجوب لاحق لا سابق فلا ينافي الإمكان الذاتي.

وإلى هذا أشار بقوله : ويمكن اجتماع الوجوب والإمكان باعتبارين.

__________________

ـ حاله كذلك فالمتغيرات بأجمعها حاضرة لديه من دون أن يحدث التغير في الكون تغيراً في العلم ، ونستوضح ذلك بالمثال التالي : إذا نظرنا من الكوّة إلى الشارع المليئة بالسيارات فلا نرى في كل لحظة إلّا سيارة واحدة فنصفُ السيارات بالسبق والتأخر ، وأمّا إذا نظرنا إلى الشارع من أُفق عال رأينا الجميع دفعة واحدة ومحيطاً بها من غير سبق ولا لحوق ، والله سبحانه لتنزهه عن الزمان والمكان يحيط بالأشياء متقدمها ومتأخرها بلا تقدم وتأخر وتكون نسبة الجميع إليه واحدة.

(١) توضيح التقرير : أنّه تعالى لا يعلم الحوادث قبل وقوعها ، وإلّا يلزم أن يكون تلك الحوادث ممكنة وواجبة معاً ، والتالي باطل للتنافي بين الوجوب والإمكان ، بيان اللزوم أنّها ممكنة لكونها حادثة ، وواجبة أيضاً وإلّا أمكن أن لا يوجد فينقلب علمه جهلاً وهو محال.

والجواب : أنّ العلم تابع للمعلوم ، فلا يكون تعلّق علمه به دليلاً على وجوبه ، ولو سلم فنقول : انّها ممكنة لذواتها ، وواجبة بغيرها وهو تعلق علم البارئ تعالى بوجودها ولا تنافي بين الإمكان بالذات ، والوجوب بالغير (١).

__________________

(١) لاحظ شرح علاء الدين للقوشجي : ٤١٤ ط تبريز عام ١٣٠٧.

۳۰۸۱