هذا حسن فضروري.
قال : وللسمع.
أقول : هذا دليل الوقوع سمعاً ، وهو الآيات الدالة على العفو ، كقوله تعالى : ﴿إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ﴾ (١) * فإما أن يكون هذان الحكمان مع التوبة أو بدونها والأوّل باطل لأنّ الشرك يغفر مع التوبة فتعين الثاني.
وأيضاً المعصية مع التوبة يجب غفرانها (٢) ، وليس المراد في الآية المعصية التي يجب غفرانها لأنّ الواجب لا يعلق بالمشيئة ، فما كان يحسن قوله : ﴿لِمَنْ يَشاءُ﴾ ، فوجب عود الآية إلى معصية لا يجب غفرانها ، كقوله تعالى : ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ﴾ (٣) و ﴿عَلى﴾ تدل على الحال (٤) أو
__________________
(١) النساء : ٤٨ و ١١٦.
(٢) اختلفوا في وجوب قبول التوبة ، فهل هو عقلي كما عليه المعتزلة ، أو سمعي كما عليه الإمامية ، قال المفيد : «اتفقت الإمامية على أنّ قبول التوبة بفضل من الله عزوجل وليس بواجب في العقول ، إسقاطها لما سلف من استحقاق العقاب ، ولو لا أنّ السمع ورد بإسقاطها لجاز في العقول بقاء التائبين على شرط الاستحقاق ، ووافقهم على ذلك أصحاب الحديث ، وأجمعت المعتزلة على خلافهم وزعموا أنّ التوبة مسقطة لما سلف من العقاب على الوجوب.» (أوائل المقالات : ٤٨ ط تبريز).
(٣) الرعد : ٦.
(٤) أي أنّ الناس في حال كونهم ظالمين تنالهم مغفرته سبحانه ، فيدل على جواز عفو الظالمين حال كونهم ظالمين مستحقين للعقاب ، قال الطبرسي في تفسير الآية : «قال المرتضى رحمهالله : وفي الآية دلالة على جواز المغفرة للمذنبين من أهل القبلة لأنّه سبحانه دلّنا على أنّه يغفر لهم مع كونهم ظالمين لأنّ قوله : «على ظلمهم» اشارة إلى الحال التي يكونون عليها ظالمين ويجري ذلك مجرى قول القائل : أنا أودّ فلاناً على غدره ، وأصِله على هجره.» (مجمع البيان : ٣ / ٢٧٨).