الله تعالى أنّه يوافي الطاعة سليمة إلى حال الموت أو الآخرة استحق بها الثواب في الحال وكذا المعصية ، وإن كان في علمه تعالى أنّه يحبط الطاعة أو يتوب من المعصية قبل الموافاة (١) لم يستحق الثواب ولا العقاب بهما.

واستدل المصنف (٢) رحمه‌الله على القول بالموافاة بقوله تعالى : ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وبقوله تعالى : ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ.

وتقريره أن نقول : (٣) إمّا أن يكون المراد بالإحباط هنا كون العمل باطلاً

__________________

(١) يريد : قبل الوفاة.

(٢) أقول لما كان ظاهر بعض الآيات دالّة على الإحباط ، أعني قوله سبحانه : ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وقوله تعالى : ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ حاول المصنّف أن يفسر الإحباط فيهما بنحو لا يُعدّ إحباطاً بالمعنى المصطلح ، وهو أنّ الثواب والعقاب كانا مشروطين بعدم الشرك والارتداد إلى حال الموت ، فلو أشرك أو ارتدّ يكشف عن عدم الثواب من أوّل الأمر ، فلم يكن هناك موضوع للإحباط ، وبعبارة أُخرى اعتمد على الأصل الذي أسّسه في المسألة السابقة أعني كون الثواب مشروطاً بشيء وهو الموافاة.

(٣) ذكر للإحباط معاني ثلاثة اختار الثالث ورفض الأوّلين. الأوّل : أن يكون العمل باطلاً من أصله ، وهذا غير صحيح لأنّ المفروض أنّ الشرك والارتداد المتأخرين يؤثران في الجزاء أي الثواب فيجب أن يكون العمل موجباً للثواب من أصله وإلّا تبطل الشرطية في الآيتين.

والثاني : أن يكون الثواب ساقطاً بعد ثبوته ، وهذا هو الإحباط المصطلح الذي سوف يذكره المصنّف في المسألة الآتية ، فبقي المعنى الثالث أعني ما ذكره بقوله : «أو أنّ الكفر أبطله» والمراد منه أنّ الثواب كان مشروطاً بشرط متأخر وهو عدم الشرك والارتداد فإذا لم يتحقق الشرط لم يتحقق المشروط.

وبما ذكرناه علم أنّ التعبير عن الوجه الثالث بقوله : «أو أنّ الكفر أبطله» ليس بجيد ، ولأجل ذلك جاءت النسخ في المقام مشوشة.

۳۰۸۱