عضوه لزم جعل ذلك الجزء جزءاً من العضوين وهو محال.
وأمّا الثاني فلأنّه قد يطيع العبد حال تركبه من أجزاء بعينها ثمّ تتحلل تلك الأجزاء ويعصي في أجزاء أخرى ، فإذا أُعيد في تلك الأجزاء بعينها وأثابها على الطاعة لزم إيصال الحقّ إلى غير مستحقة.
وتقرير الجواب واحد ، وهو أنّ لكل مكلّف أجزاءً أصلية لا يمكن أن تصير جزءاً من غيرها ، بل تكون فواضل من غيره لو اغتذى بها ، فإذا أُعيدت جعلت أجزاء أصلية لما كانت أصلية له أولاً ، وتلك الأجزاء هي التي تعاد وهي باقية من أوّل العمر إلى آخره.
قال : وعدمُ انخراق الأفلاك ، وحصولُ الجنة فوقها ، ودوامُ الحياة مع الاحتراق ، وتولُّدُ البدن من غير التوالد ، وتناهي القوى الجسمانيةِ استبعاداتٌ.
أقول : احتج الأوائل على امتناع المعاد الجسماني بوجوه :
أحدها : أنّ السمع قد دلّ على انتثار الكواكب وانخراق الأفلاك وذلك محال.
الثاني : أنّ حصول الجنة فوق الأفلاك كما ذهب إليه المسلمون يقتضي عدم الكرية.
الثالث : أنّ بقاء الحياة مع دوام الاحتراق في النّار محال.
الرابع : أنّ تولد الأشخاص وقت الإعادة من غير توالد الأبوين باطل.
الخامس : أنّ القوى الجسمانية متناهية والقول بدوام نعيم أهل الجنة قول بعدم التناهي.
والجواب عن الكل واحد ، وهو أنّ هذه استبعادات :
أمّا الأفلاك فلأنّها حادثة على ما تقرر أولاً ، فيمكن انخراقها كما يمكن عدمها ، فكذا حصول الجنة فوق الأفلاك.