الثاني : إقامة دليل ثان على انتفاء الفناء ، وتقريره أن نقول : لو كان الفناء ضداً للجواهر لم يكن إعدامه للجوهر الباقي أولى من إعدام الجوهر الباقي له بمعنى منعه عن الدخول في الوجود بل هو أولى لما تقدم.

قال : ولاستلزامه انقلابَ الحقائق أو التسلسل.

أقول : القول بالفناء يستلزم أحد أمرين محالين :

أحدهما : انقلاب الحقائق.

الثاني : التسلسل ، وكلٌّ مستلزم للمحال فإنّه محال قطعاً ، أمّا استحالة الأمرين فظاهر ، وأمّا بيان الملازمة فإنّ الفناء إمّا أن يكون واجب الوجود بذاته أو ممكن الوجود والقسمان باطلان :

أمّا الأوّل : فلأنّه قد كان معدوماً وإلّا لم توجد الجواهر (١) ثمّ صار موجوداً ، وذلك يعطي إمكانه.

وأمّا الثاني : فلأنّه يصح عليه العدم وإلّا لم يكن ممكناً ، فعدمه إن كان لذاته كان ممتنعاً بعد أن كان ممكناً وذلك يستلزم انقلاب الحقائق ، وإن كان بسبب الفاعل بطل أصل دليلكم ، وإن كان بوجود ضد آخر لزم التسلسل. هذا ما خطر لنا في معنى هذا الكلام.

__________________

(١) تقدير الكلام : «وقد كان معدوماً ثمّ صار موجوداً وإلّا لم توجد الجواهر» فلو كان فناء العالم واجب الوجود فبما أنّه ضد العالم يلزم أن لا يوجد العالم (الجواهر) لكون ضده قديماً. وبعبارة أُخرى : الفناء كان معدوماً ، لو كان موجوداً فبما أنّه ضد للعالم يلزم أن لا يوجد العالم أبداً مع أنّ المفروض وجوده فيستكشف عدمه والمعدوم لا يكون واجب الوجود.

(٢) لاعتقادهم بأن أثر القاعل هو الفعل ، لانفيه ولذلك فسّروا الفناء بخلق الضد الذي هو الفناء.

۳۰۸۱