أقول : هذا وجه خامس وعشرون ، وتقريره : أن الكمالات إمّا نفسانية وإمّا بدنية وإمّا خارجية :

أمّا الكمالات النفسانية والبدنية فقد بيّنا بلوغه فيها إلى الغاية ، إذ كان العلم والزهد والشجاعة والسخاء وحسن الخلق والعفة فيه أبلغ من غيره بل لا يجاريه في واحد منها أحد.

وبلغ في القوة البدنية والشدة مبلغاً لا يساويه أحد حتى قيل إنّه عليه‌السلام كان يقُطّ الهام قطّ الأقلام ، لم يخط في ضربه قط ولم يحتج إلى المعاودة ، وقلع باب خيبر وقد عجز عن نقلها سبعون رجلاً من أشد الناس قوة ، مع أنّه عليه‌السلام كان قليل الغذاء جدّاً بأخشن مأكل وملبس ، كثير الصوم ، مداوم العبادة.

وأمّا الخارجية فمنها النسب الشريف الذي لا يساويه أحد في القرب من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّه كان أقرب الناس إليه فإنّ العباس كان عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الأب خاصة وعلي عليه‌السلام كان ابن عمه من الأب والأم ، ومع ذلك فإنّه كان هاشمياً من الأب والأُم لأنّه علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم وأُمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم.

ومنها : المصاهرة (١) ، ولم يحصل لأحد ما حصل له منها ، فإنّه زوج سيّدة نساء العالمين ، وعثمان وإن شاركه في كونه ختناً لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا أنّ فاطمة عليها‌السلام أشرف بناته ، وكان لها من المنزلة والقرب من قلب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مبلغ عظيم وكان يعظمها حتى إنّه كان إذا جاءت إليه نهض لها قائماً ولم

__________________

(١) الخصائص للنسائي : ٢٢٨ ـ ٢٦١ من رقم ١٢٣ ـ ١٤٥ ، تاريخ ابن عساكر ، ترجمة الإمام : ١ / ٢٢٦ ـ ٢٥٠ من رقم ٢٩١ ـ ٣١٩.

۳۰۸۱