ونقض دار مصقلة بن هبيرة ودار جرير بن عبد الله البجلي وصلب جماعة وقطع آخرين ، ولم يساوه في ذلك أحد من الصحابة فيكون أفضل من غيره.
قال : وأحفظهم للكتاب العزيز (١).
أقول : هذا وجه ثالث عشر ، وهو أنّ علياً عليهالسلام كان يحفظ كتاب الله تعالى على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يكن أحد يحفظه ، وهو أول من جمعه.
ونقل الجمهور أنّه تأخر عن البيعة بسبب اشتغاله بجمع القرآن العظيم ، وأئمة القراء يُسندون قراءاتهم إليه كأبي عمرو بن أبي العلاء وعاصم وغيرهما ، لأنهم يرجعون إلى أبي عبد الرحمن السلمي وهو تلميذه عليهالسلام ، فيكون أفضل من غيره.
قال : ولإخبارِه بالغيب (٢).
أقول : هذا وجه رابع عشر ، وتقريره : أنّ علياً عليهالسلام أخبر بالغيب في مواضع كثيرة ولم تحصل هذه المرتبة لأحد من الصحابة فيكون أفضل منهم قطعاً ، وذلك كإخباره بقتل ذي الثدية ، ولَمّا لم يجده أصحابه بين القتلى قال : «والله ما كَذَبْتُ ولا كُذِبْت» ، فاعتبرهم عليهالسلام حتى وجده وشقّ قميصه ووجد على كتفه سلعة كثدي المرأة عليها شعرات تنحدر كتفه مع جذبها وترجع مع تركها.
وقال له أصحابه : إنّ أهل النهروان قد عبروا ، فقال عليهالسلام : «لم يعبروا» ، فأخبروه مرة ثانية فقال : «لم يعبروا» فقال جندب بن عبد الله الأزدي في نفسه :
__________________
(١) شرح النهج لابن أبي الحديد : ١ / ٢٧.
(٢) تاريخ بغداد : ١ / ١٥٩ و ٧ / ٢٣٦ و ٢٣٧ ، والإرشاد للشيخ المفيد : ١٦٧ ، طبعة منشورات بصيرتي قم ، فضائل الخمسة من الصحاح الستة : ٢ / ٤٤٤ ـ ٤٥٣.