قال : وأفصحَهم (١).

أقول : هذا دليل عاشر ، وتقريره أنّ علياً عليه‌السلام كان أبلغ الناس في الفصاحة وأعظمهم منزلة فيها بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى قال البلغاء كافة : إنّ كلامه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق ، ومنه تعلّم الناس أصناف البلاغة حتى قال معاوية : ما سنّ الفصاحة لقريش غيره.

وقال ابن نباتة : حفظت من خطبه مائة خطبة.

وقال عبد الحميد بن يحيى : حفظت سبعين خطبة من خطبه.

قال : وأسدَّهم رأياً (٢).

أقول : هذا دليل حادي عشر ، وتقريره : أنّ علياً عليه‌السلام كان أسدّ الناس رأياً بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأجودهم تدبيراً وأعرفهم بمزايا الأُمور ومواقعها ، وهو الذي أشار على عمر بالتخلف عن حرب الروم والفرس وبَعْثِ نوّابه ، وأشار على عثمان بما فيه صلاحه وصلاح المسلمين فخالفه حتى قتل ، فيكون أفضل من غيره.

قال : وأكثرهم حرصاً على إقامة حدود الله تعالى (٣).

أقول : هذا وجه ثاني عشر ، وتقريره : أنّ علياً عليه‌السلام كان أكثر الناس حرصاً على إقامة حدود الله تعالى ، لم يراقب في ذلك أحداً ولم يلتفت إلى قرابة ، بل كان شديد السياسة خشناً في ذات الله تعالى ، لم يراقب ابن عمه ولا أخاه

__________________

(١) شرح النهج لابن أبي الحديد : ١ / ٢٤ ـ ٢٥.

(٢) شرح النهج : ١ / ٢٨.

(٣) شرح النهج : ١ / ٢٨.

۳۰۸۱