ومنها : في غزاة حنين ، وقد سار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في عشرة آلاف فارس من المسلمين ، فتعجب أبو بكر من كثرتهم وقال : لن نُغلب اليوم من قلّة فانهزموا بأجمعهم ، ولم يبق مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سوى تسعة نفر : علي عليهالسلام والعباس وابنه الفضل وأبو سفيان بن الحارث ونوفل بن الحارث ، وربيعة بن الحارث وعبد الله بن الزبير وعتبة ومُعتّب ابنا أبي لهب.
فخرج أبو جرول فقتله علي عليهالسلام ، فانهزم المشركون ، وأقبل المسلمون بعد نداء النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم وصافّوا العدو فقتل علي عليهالسلام أربعين وانهزم الباقون وغنمهم المسلمون (١).
وغير ذلك من الوقائع المأثورة والغزوات المشهورة التي نقلها أرباب السير.
وكانت الفضيلة في ذلك بأجمعه لعلي عليهالسلام ، وإذا كان أكثر جهاداً كان أفضل من غيره وأكثر ثواباً.
قال : ولأنّه أعلم ، لقوة حدسه ، وشدة ملازمته للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ورجعت الصحابة إليه في أكثر الوقائع بعد غلطهم ، وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أقضاكم علي» (٢) ، واستند الفضلاء في جميع العلوم إليه ، وأخبر هو عليهالسلام بذلك.
أقول : هذا هو الوجه الثاني في بيان أن علياً عليهالسلام أفضل من غيره ، وهو
__________________
(١) السيرة الحلبية : ٣ / ٦٧.
(٢) الشافي في الإمامة : ١ / ٢٠١ ـ ٢٠٦ ، مستدرك الحاكم : ٣ / ٥٠٠ ، الرياض النضرة : ٢ / ١٦٠ ـ ١٧٠ ، ومسند أحمد : ٥ / ٢٦.