قال : وتشكّك في موت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى تلا عليه أبو بكر : ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ فقال : كأنّي لم أسمع هذه الآية! (١).
أقول : هذا طعن آخر ، وهو أنّ عمر لم يكن حافظاً للكتاب العزيز ولم يكن متدبراً لآياته فلا يستحق الإمامة ، وذلك أنّه قال عند موت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : والله ما مات محمد حتى يقطع أيدي رجال وأرجلهم.
فلما نبّهه أبو بكر بقوله تعالى : ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ (٢) ، وبقوله : ﴿أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ﴾ (٣) ، قال : كأنّي ما سمعت بهذه الآية وقد أيقنت بوفاته!
قال : وقال : كلٌّ أفقه من عمر حتى المخدرات ، لمّا مَنَعَ من المغالاة في الصداق.
أقول : هذا طعن آخر ، وهو أنّ عمر قال يوماً في خطبته : من غالى في صداق ابنته جعلته في بيت المال.
فقالت له امرأة : كيف تمنعنا ما أحلّه الله لنا في كتابه بقوله : ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً﴾ (٤) الآية؟!
فقال عمر : كل أفقه من عمر حتى المخدرات في البيوت (٥) ، ومن يشتبه عليه مثل هذا الحكم الظاهر لا يصلح للإمامة.
__________________
(١) شرح النهج لابن أبي الحديد : ٢ / ٤٠ ، تاريخ الطبري : ٢ / ٤٤٢ ، أُفست مؤسسة الأعلمي ، وراجع الغدير : ٧ / ٧٤ لبقية المصادر.
(٢) الزمر : ٣٠.
(٣) آل عمران / ١٤٤.
(٤) النساء : ٢٠.
(٥) السنن الكبرى للبيهقي : ٧ / ٢٣٣ ، تفسير القرطبي : ٥ / ٩٩ ، وتفصيل ذلك في الغدير : ٦ / ٩٥ ـ ٩٩.