حيث أمره هو وعمر بن الخطاب وعثمان في تنفيذ جيش أُسامة لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في مرضه حالاً بعد حال : «نفّذوا جيش أُسامة» ، وكان الثلاثة في جيشه وفي جملة من يجب عليه النفوذ معه ، فلم يفعلوا ذلك ، مع أنّهم عرفوا قصد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنّ غرضه بالتنفيذ من المدينة بعد الثلاثة عنها بحيث لا يتوثّبوا على الإمامة بعد موت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولهذا جعل الثلاثة في الجيش ولم يجعل علياً عليه‌السلام معه ، وجعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أُسامة أمير الجيش وكان فيه أبو بكر وعمر وعثمان ، فهو أفضل منهم وعلي عليه‌السلام أفضل من أُسامة ، ولم يول عليه أحداً فيكون هو عليه‌السلام أفضل الناس كافة.

قال : ولم يتولَّ عملاً في زمانه ، وأعطاه سورة براءة فنزل جبرئيل فأمره بردّه وأخذ السورة منه وأن لا يقرأها إلّا هو أو أحدٌ من أهل بيته فبعث بها علياً عليه‌السلام (١).

أقول : هذا طعن آخر على أبي بكر ، وهو أنّه لم يوله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عملاً في حياته أصلاً سوى أنّه أعطاه سورة براءة وأمره بالحج بالناس ، فلما مضى بعض الطريق نزل جبرئيل عليه‌السلام على النبي وأمره بردّه وأخذ السورة منه وأن لا يقرأها إلّا هو عليه‌السلام أو أحد من أهل بيته ، فبعث بها علياً عليه‌السلام وولّاه الحج بالناس.

وهذا يدل على أنّ أبا بكر لم يكن أهلاً لإمارة الحج فكيف يكون أهلاً للإمامة بعده ، ولأن من لا يؤمن على أداء سورة في حياته عليه‌السلام كيف يؤمن على

__________________

(١) شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني : ١ / ٣٠٣ ، الحديث ٣٠٧ و ٣٠٨ و ٣٠٩ و ٣١٠ و ٣١١ و ٣١٢ و ٣١٣ و ٣١٤ و ٣١٥ و ٣٢٧ ، الشافي في الإمامة : ٣ / ٦١ ، جامع البيان (تفسير الطبري) : ١٠ / ٤١ ـ ٥٥.

۳۰۸۱