وقال أيضاً : ليتني كنت في ظل بني ساعدة ضربت يدي على يد أحد الرجلين فكان هو الأمير وكنت الوزير.

وهذا كله يدل على تشككه في استحقاقه للإمامة واضطراب أمره فيها وأنّه كان يرى أن غيره أولى بها منه.

قال : وخالف الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الاستخلاف عندهم ، وفي تولية من عزله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

أقول : هذا طعن آخر في أبي بكر ، وهو أنّه خالف الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الاستخلاف عندهم لأنّهم زعموا أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يستخلف أحداً ، فباستخلافه يكون مخالفاً للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندهم ومخالفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توجب الطعن.

وأيضاً فإنّه خالف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في استخلاف من عزله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنّه استخلف عمر بن الخطاب وقد كان النبي لم يوله عملاً سوى أنّه بعثه في خيبر فرجع منهزماً وولاه أمر الصدقات فشكاه العباس إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعزله ، وأنكرت الصحابة على أبي بكر ذلك حتى قال له طلحة : وليت علينا فظّاً غليظاً (١).

قال : وفي التخلّف عن جيش أُسامة مع علمهم بقصد البعد وولّى أُسامة عليهم فهو أفضلُ وعلي عليه‌السلام لم يُولِّ عليه أحداً وهو أفضل من أُسامة (٢).

أقول : هذا دليل آخر على الطعن في أبي بكر ، وهو أنّه خالف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) الإمامة والسياسة : ١٨ ـ ١٩ ، التمهيد للباقلاني : / ١٦٥ ـ ١٦٩ ، باب الكلام في ابطال النص وتصحيح الاختيار ، فيه : تولى علينا فظاً غليظاً ، وأيضاً ص ٢٠١.

(٢) التمهيد : ١٩٣ ، الشافي : ٤ / ١٤٤ ، شرح النهج لابن أبي الحديد : ١٧ / ١٧٥ ـ ١٩٤.

۳۰۸۱