ووجه الاستدلال به أنّ لفظة مولى تفيد الأولى ، لأن مقدمة الحديث تدل عليه ، ولأنّ عرف اللغة يقتضيه ، وكذا الاستعمال ، لقوله تعالى : ﴿النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ (١) أي أولى بهم ، وقول الأخطل : «فأصبحت مولاها من الناس كلهم» وقولهم : مولى العبد أي الأولى بتدبيره والتصرف فيه ، ولأنّها مشتركة بين معان غير مرادة هنا إلّا الأولى ، ولأنّه إمّا كل المراد أو بعضه ولا يجوز خروجه عن الإرادة لأنّه حقيقة فيه ولم يثبت إرادة غيره.

قال : ولحديث المنزلة المتواتر.

أقول : هذا دليل آخر على إمامة علي عليه‌السلام ، وتقريره : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي» (٢) وتواتر المسلمون بنقل هذا الحديث ، لكنهم اختلفوا في دلالته على الإمامة.

وتقرير الاستدلال به أنّ علياً عليه‌السلام له جميع منازل هارون من موسى بالنسبة إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنّ الوحدة منفية هنا للاستثناء المشروط بالكثرة ، وغير العموم ليس بمراد للاستثناء المخرج ما لولاه لوجب دخوله كالعدد ، والأصل عدم الاشتراك ، ولانتفاء القائل بالكثرة من دون العموم ، ولعدم فهم المراد من خطاب الحكيم لولاه ، ومن جملة منازله الخلافة بعده لو عاش لثبوتها له في حياته.

قال : ولاستخلافِهِ على المدينة فيعمُّ للإجماع.

أقول : هذا دليل آخر على إمامته عليه‌السلام ، وتقريره : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استخلفه على المدينة وأرجف المنافقون بأمير المؤمنين عليه‌السلام فخرج إلى النبي وقال : «يا

__________________

(١) الحديد : ١٥.

(٢) العمدة : ١٧٣ ـ ١٨٥ ، مسند أحمد : ٣ / ٣٢ ، وفضائل الصحابة : ٢ / ٦٣٣ ، الغدير : ١ / ٥١ ، وج ٣ / ١٩٧ ـ ٢٠١.

۳۰۸۱