الصلاح أقرب ومن الفساد أبعد ، وهذا أمر ضروري لا يشك فيه العاقل ، وأمّا الكبرى فقد تقدم بيانها.

قال : والمفاسدُ معلومةُ الانتفاءِ ، وانحصارُ اللطف فيه معلومٌ للعقلاء ، ووجودُه لطفٌ، وتصرفه آخر ، وعدمه منّا.

أقول : هذه اعتراضات على دليل أصحابنا مع الإشارة إلى الجواب عنها :

الأوّل : قال المخالف : كون الإمامة قد اشتملت على وجه اللطف لا يكفي في وجوبها على الله تعالى ، بخلاف المعرفة التي كفى وجه الوجوب فيه علينا لانتفاء المفاسد في ظننا ، أمّا في حقه تعالى فلا يكفي وجه الوجوب ما لم يعلم انتفاء المفاسد ولا يكفي الظن بانتفائها ، فلم لا يجوز اشتمال الإمامة على مفسدة لا نعلمها ، فلا تكون واجبة على الله تعالى.

والجواب : أنّ المفاسد معلومة الانتفاء عن الإمامة ، لأن المفاسد محصورة معلومة يجب علينا اجتنابها أجمع ، وإنما يجب علينا اجتنابها إذا علمناها ، لأن التكليف بغير المعلوم محال ، وتلك الوجوه منتفية عن الإمامة فيبقى وجه اللطف خالياً عن المفسدة فيجب عليه تعالى.

ولأن المفسدة لو كانت لازمة للإمامة لم تنفك عنها والتالي باطل قطعاً.

ولقوله تعالى : ﴿إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً (١) ، وإن كانت مفارقة جاز انفكاكها عنها فيجب على تقدير الانفكاك.

الثاني : قالوا : الإمامة إنّما تجب لو انحصر اللطف فيها ، فلم لا يجوز أن يكون هناك لطف آخر يقوم مقام الإمامة ، فلا تتعين الإمامة لِلّطفيّة فلا يجب على التعيين.

__________________

(١) البقرة : ١٢٤.

۳۰۸۱