قال : والسمعُ دلَّ على عموم نبوّته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

أقول : ذهب قوم من النصارى إلى أن محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مبعوث إلى العرب خاصّة (١) ، والسمع يكذب قولهم هذا ، قال الله تعالى : ﴿لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ (٢) وقال تعالى : ﴿وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ (٣).

وسورة الجنّ تدل على بعثه عليه‌السلام إليهم ، وقال عليه‌السلام : «بعثت إلى الأسود والأحمر»(٤).

لا يقال : كيف يصح إرساله إلى من لا يفهم خطابه وقد قال تعالى : ﴿وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ (٥)؟

لأنّا نقول : لا استبعاد في ذلك ، بأن يترجم خطابه لمن لا يفهم لغته مترجم ، وليس في الآية أنّه تعالى ما أرسل رسولاً إلّا إلى من يفهم لسانه وإنّما أخبر بأنّه ما أرسله إلّا بلسان قومه.

وجوّز قاضي القضاة في يأجوج ومأجوج احتمالين :

أحدهما : أن لا يكونوا مكلفين أصلاً وإن كانوا مفسدين في الأرض كالبهائم المفسدة في الأرض.

والثاني : أن يكونوا مكلفين وقد بلغتهم دعوته عليه‌السلام بأن يقربوا من الأمكنة التي يسمعون فيها كلام من هو وراء السد.

وجوّز بعض الناس أن يكون في بعض البقاع من لم تبلغه دعوته عليه‌السلام ، فلا يكون مكلفاً بشريعته.

__________________

(١) الفصل في الملل والنحل : ١ / ٩٩.

(٢) الأنعام : ١٩.

(٣) سبأ : ٢٨.

(٤) كنز العمّال : ١١ / ٤٣٨.

(٥) إبراهيم : ٤.

۳۰۸۱