وهذه المعجزات بعض ما نقل ، واقتصرنا على هذا القدر لكثرتها وبلوغ الغرض بهذه ، وقد أوردنا معجزات أُخرى منقولة في كتاب نهاية المرام.

قال : وإعجازُ القرآن (١) قيل لفصاحته ، وقيل لأسلوبه وفصاحته ، وقيل للصَّرفةِ ، والكلُّ محتمل.

أقول : اختلف الناس هنا ، فقال الجُبّائيان : إنّ سبب إعجاز القرآن فصاحته.

وقال الجويني : هو الفصاحة والأسلوب (٢) معاً ، وعنى بالأسلوب الفن والضرب.

وقال النظّام والمرتضى : هو الصرفة ، بمعنى أنّ الله تعالى صرف العرب ومنعهم عن المعارضة.

واحتج الأوّلون : بأنّ المنقول عن العرب أنّهم كانوا يستعظمون فصاحته ، ولهذا أراد النابغة الإسلام لما سمع القرآن وعرف فصاحته فرَدّه أبو جهل وقال له يحرم عليك الأطيبين (٣) وأخبر الله تعالى عنهما بذلك بقوله : ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ

__________________

(١) راجع : الاقتصاد للشيخ الطوسي : ١٥٦ ، ١٧٢ ، ١٧٣ ، ١٨٢ ، إعجاز القرآن والبلاغة النبوية لمصطفى صادق الرافعي : ١٤١ ـ ١٦٥ ، البيان للسيد الخوئي قدس‌سره : ٨١ ـ ٩٩. شرح جمل العلم والعمل للشريف المرتضى : ١٧٥ ، ٣٥٧ (ط دار الأسوة ـ طهران). الذخيرة في علم الكلام : ٣٥٥ ـ ٣٦٠.

(٢) جاء القرآن بصورة من صور الكلام على وجه لم تعرفه العرب ، وخالف بأسلوبه العجيب وسبكه الغريب جميع الأساليب الدارجة بينهم ومناهج نظمهم ونثرهم.

انظر في توضيحه كتاب الإلهيات الجزء ٣ تحت عنوان : الأسلوب : بداعة المنهج وغرابة السبك.

(٣) يريد : الخمر والنساء (١).

__________________

(١) ابن هشام : السيرة النبوية : ١ / ٣٨٦.

۳۰۸۱