انتفى إمكان الترك انتفى إمكان الفعل.

وتقرير الجواب : أنّ القادر هو الذي يمكنه أن يفعل وأن لا يفعل وليس لا يفعل عبارة عن فعل الضدّ.

قال : وعموميةُ العلة تستلزم عمومية الصفة (١).

أقول : يريد بيان أنّه تعالى قادر على كل مقدور ، وهو مذهب الأشاعرة ، وخالف أكثر الناس في ذلك ، فإنّ الفلاسفة قالوا إنّه تعالى قادر على شيء واحد ، لأنّ الواحد لا يتعدد أثره ، وقد تقدم بطلان مقالتهم.

والمجوس ذهبوا إلى أنّ الخير من الله تعالى ، والشرّ من الشيطان ، لأنّ الله تعالى خير محض وفاعل الشر شرير.

والثنوية ذهبوا إلى أن الخير من النور ، والشر من الظلمة.

__________________

(١) هذه المسألة من فروع عموم خالقيته لكل شيء ، كما هو مقتضى التوحيد في الخالقية الذي آمنت به الأشاعرة والإمامية ، فلو كان خالقاً لكل شيء لكان قادراً عليه وقابلاً لأن تتعلق به قدرته ، من غير فرق بين الخير والشر وأفعال العباد وغيرها ، غير أنّ الإمامية تفترق عن الأشاعرة في تفسير التوحيد في الخالقية ، حيث تفسره على وجه لا ينافي عدلَه سبحانه ، بخلاف الأشاعرة فهؤلاء يفسرونه بشكل ينطبق على الجبر ، فالمطلوب للأشاعرة هو حفظ التوحيد في الخالقية ، سواء أضرّ بعدله أم لا ، بخلاف الإمامية فالمطلوب عندهم هو حفظ كلا الأصلين.

وأمّا غير هاتين الطائفتين فينكرون عموم قدرته لجهات مختلفة ، وهؤلاء طوائف أربع : ١ ـ الفلاسفة. ٢ ـ المجوس. ٣ ـ الثنوية. ٤ ـ المعتزلة. والدواعي لنفي عموم القدرة مختلفة ، وإليك البيان :

١ ـ لمّا ذهبت الفلاسفة إلى أنّ الواحد (الواجب) لا يصدر عنه إلّا الواحد ، قالوا بأنّه قادر على الشيء الواحد فقط ، وهو الصادر الأوّل ، فنفوا عمومَ قدرته حسب نقل الشارح ، ولكن النسبة غير صحيحة ، لأنّ القول به لا يستلزم تلك النتيجة كما لا يخفى على ـ

۳۰۸۱