أحدها : أنّ الغرض من بعثة الأنبياء عليهم‌السلام إنّما يحصل بالعصمة ، فتجب العصمة تحصيلاً للغرض.

وبيان ذلك أنّ المبعوث إليهم لو جوّزوا الكذب على الأنبياء والمعصية جوزوا في أمرهم ونهيهم وأفعالهم التي أمروهم باتباعهم فيها ذلك ، وحينئذ لا ينقادون إلى امتثال أوامرهم ، وذلك نقض للغرض من البعثة.

الثاني : أنّ النبي تجب متابعته ، فإذا فعل معصية فإمّا أن تجب متابعته أو لا والثاني باطل لانتفاء فائدة البعثة ، والأوّل باطل لأنّ المعصية لا يجوز فعلها ، وأشار بقوله : «لوجوب متابعته وضدّها» إلى هذا الدليل لأنّه بالنظر إلى كونه نبياً تجب متابعته وبالنظر إلى كون الفعل معصية لا يجوز اتباعه.

الثالث : أنّه إذا فعل معصية وجب الإنكار عليه لعموم وجوب النهي عن المنكر وذلك يستلزم إيذاءه وهو منهي عنه وكلّ ذلك محال.

قال : وكمالُ العقل والذّكاء والفطنةُ وقوةُ الرأي وعدم السهو وكلّ ما ينفر عنه من دناءة الآباء وعهر الأُمّهات (١) والفظاظة والغلظة والأُبنة وشبهها والأكل على الطريق وشبهه.

أقول : يجب أن يكون في النبي هذه الصفات التي ذكرها وقوله : «وكمال العقل» عطف على العصمة ، أي ويجب في النبي كمال العقل ، وذلك ظاهر.

وأن يكون في غاية الذكاء والفطنة وقوة الرأي ، بحيث لا يكون ضعيف الرأي متردداً في الأُمور متحيّراً لأن ذلك من أعظم المنفرات عنه.

__________________

(١) لم يذكر من صفات الآباء والأُمّهات إلّا العهر وعدم الدناءة ، وكان عليه أن يذكر كونهما موحدين ، غير عابدين للوثن كما ذكره المفيد (١).

__________________

(١) المفيد : أوائل المقالات : ١٢ ـ ١٣.

۳۰۸۱