قال أبو الحسين : إذا كان ذلك القدر مصلحة (١) خالية عن المفسدة وكان الزائد عليه مفسدة وجب عليه أن يعطيه ذلك القدر لوجود الداعي وانتفاء الصارف ، وإذا لم يكن في الزائد مفسدة إلى غير النهاية فإنّه تعالى قد يفعل ذلك القدر وقد لا يفعله لأن من دعاه الداعي إلى الفعل وكان ذلك الداعي حاصلاً في فعل ما يشق فإنّ ذلك يجري مجرى الصارف عنه فيصير الداعي متردداً بين الداعي والصارف فلا يجب الفعل ولا الترك ، وتمثل بأن من دعاه الداعي على دفع درهم إلى فقير ولم يظهر له ضرر في دفعه فإنّه يدفعه إليه ، فإن حضره من الفقراء جماعة يكون الدفع إليهم مساوياً للدفع إلى الأوّل ويشقّ عليه الدفع إليهم لحصول الضرر فإنّه قد يدفع الدرهم إلى الفقير منهم وقد لا يدفعه ، فإذا كان حصول الداعي فيما يشق يقتضي تجويز العدم فحصوله فيما يستحيل وجوده أولى لانتفاء الفعل معه ، فلهذا قال قد يجب الأصلح في بعض الأحوال دون بعض.

وللنفاة وجوه أُخر ، ذكرناها في كتاب نهاية المرام على الاستقصاء. قال :

__________________

(١) المذكور في كلامه الشقوق التالية :

١ ـ إذا كان ذلك القدر مصلحة وفي الزائد مفسدة فحينئذٍ يلزم الاكتفاء بالأقل.

٢ ـ إذا لم تكن في الزائد مفسدة مطلقاً في عامّة المراحل لكن كان فعل الزائد على القدر شاقاً على الله سبحانه ، فتكون المشقة بمنزلة الصارف عن الفعل.

٣ ـ إذا لم يكن شاقاً بل كان مستلزماً للمحال إذا افترضنا إيجاد ما لا يتناهى.

ولا يخفى ما فيه من الوهن لعدم تصور القسم الثاني في حقّه سبحانه ، قال أمير المؤمنين : «وما الجليل واللطيف ، والثقيل والخفيف ، والقوي والضعيف في خلقه إلّا سواء» (١).

ثمّ ذكر الشارح أنّه نقل أدلّة النفاة في كتابه نهاية المرام (٢) ، وهي أبسط كتاب كلامي له ولكن النسخ الموجودة بين أيدينا أقل من هذا ، حيث لم تصل إلى الإلهيات ، رزقنا الله النسخة الكاملة منها.

__________________

(١) نهج البلاغة ، الخطبة : ١٨٥.

(٢) وهي بقيد التحقيق.

۳۰۸۱