وقال البلخي : إنّه واجب ، وهو مذهب البغداديين وجماعة من البصريين.

وقال أبو الحسين البصري : إنّه يجب في حال دون حال ، وهو اختيار المصنف رحمه‌الله ، وتحرير صورة النزاع : أنّ الله تعالى إذا علم انتفاع زيد بإيجاد قدر من المال له وانتفاء الضرر به في الدين عنه وعن غيره من المكلفين هل يجب إيجاد ذلك القدر له أم لا؟

احتج الموجبون : بأنّ لله تعالى داعياً إلى إيجاده وليس له صارف عنه فيجب ثبوته لأنّ مع ثبوت القدرة ووجود الداعي وانتفاء الصارف يجب الفعل.

وبيان تحقق الداعي أنّه إحسان خال عن جهات المفسدة ، وبيان انتفاء الصارف أنّ المفاسد منتفية ولا مشقة فيه.

واحتجّ النفاة : بأن وجوبه يؤدي إلى المحال فيكون محالاً.

بيان الملازمة (١) : أنّا لو فرضنا انتفاء المفسدة في الزائد على ذلك القدر وثبوت المصلحة فإن وجب إيجاده لزم وقوع ما لا نهاية له لأنّا نفرض ذلك في كل زائد ، وإن لم يجب ثبت المطلوب.

__________________

(١) توضيحه أنّه إذا كان إغناء إنسان على قدر خاص مقروناً بالمصلحة فيجب إيجاده ، فلو فرض وجود المصلحة في المقدار الزائد يجب أيضاً إيجاده ، وهكذا ، فيلزم وجوب إيجاد ما لا نهاية له وهو أمر ممتنع.

يلاحظ عليه بوجهين : أوّلاً : إذا كان الزائد بالغاً حدّ الممتنع فلا تتعلق به القدرة فيخرج عن موضوع البحث.

وثانياً : لا ملازمة بين كون الأقل مصلحة ، وكون الأكثر أيضاً مثله ، قال سبحانه : ﴿إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى (العلق : ٦ ـ ٧) ، فربّما يكون الزائد موجباً لكفره أو فسقه أو قلّة مبالاته بالدين.

۳۰۸۱