الثاني : أن يتفضل الله تعالى عليه بعد انقطاعه بمثله دائماً فلا يحصل الألم.

وإن كان مستحقاً للعقاب جعل الله تعالى عوضه جزءاً من عقابه ، بمعنى أنّه يسقط من عقابه بإزاء ما يستحقه من الأعواض ، إذ لا فرق في العقل بين إيصال النفع ودفع الضرر في الإيثار ، فإذا خفف عقابه وكانت آلامه عظيمة علم أنّ آلامه بعد إسقاط ذلك القدر من العقاب أشد ولا يظهر له أنّه كان في راحة ، أو نقول : إنّه تعالى ينقص من آلامه ما يستحقه من أعواضه متفرقاً على الأوقات بحيث لا يظهر له الخفة من قبل.

قال : ولا يجب دوامه لحسن الزائد بما يختارُ معه الألم وإن كان منقطعاً ، ولا يجب حصوله في الدنيا لاحتمال مصلحة التأخير ، والألم على القطع ممنوعٌ مع أنّه غيرُ محلِّ النزاع.

أقول : لما ذكر وجوب العوض شرع في بيان أحكامه ، وقد اختلف الشيخان هنا :

فقال أبو علي الجُبّائي : إنّه يجب دوامه ، وقال أبو هاشم : لا يجب ، واختاره المصنف رحمه‌الله.

والدليل عليه أنّ العوض إنما حسن لاشتماله على النفع الزائد على الألم أضعافاً يختار معه المولم ألمه ، ومثل هذا يتحقق في المنقطع ، فكان وجه الحسن فيه ثابتاً فلا تجب إدامته.

وقد احتج أبو علي بوجهين أشار المصنف إلى الجواب عنهما :

الأوّل : أنّه لو كان العوض منقطعاً لوجب إيصاله في الدنيا لأن تأخير الواجب بعد وجوبه وانتفاء الموانع منع للواجب ، وإنّما قلنا بانتفاء الموانع

۳۰۸۱