واعلم : أنّ المستحق للعوض إمّا أن يكون مستحقاً للجنة أو للنار ، فإن كان مستحقاً للجنة فإن قلنا إنّ العوض دائم فلا بحث وإن قلنا إنّه منقطع توجه الإشكال بأن يقال : لو أوصل العوض إليه ثمّ انقطع عنه حصل له الألم بانقطاعه.

والجواب من وجهين : الأوّل : أنّه يوصل إليه عوضه متفرقاً على الأوقات بحيث لا يبيّن له انقطاعه فلا يحصل له الألم.

__________________

ـ جزءاً من عقابه بحيث لا يظهر له التخفيف» والشارحُ أتى به في آخر الشرح بقوله : «أو نقول : إنّه تعالى يُنقص من آلامه ما يستحقه من أعواضه متفرقاً على الأوقات بحيث لا تظهر له الخفّة من قبل».

وأمّا الشارح فقد جاء بجواب آخر ، وحاصله : انّه يسقط من عقابه في برهة خاصة من الزمان لا مفرقاً على الأوقات ، ولما كان الإسقاط غير نفس العوض أولاً ، وكان الإسقاط في برهة خاصة يلازم إحساس الراحة أو التخفيف ثانياً حاول إصلاح ذينك الأمرين وقال :

١ ـ إنّ طبع العوض وإن كان يقتضي إيصال النفع ، لكنّه لا فرق بينه وبين دفع الضرر في مقام الإيثار والاختيار ، وبذلك أجاب عن الإشكال الأوّل.

٢ ـ إنّ عظمة الآلام ـ بعد الإسقاط ـ تمنع عن إحساس الراحة ، بحيث لا يؤثر الإسقاط حتى في نفس تلك البرهة في إحساس الراحة والتخفيف ويقف على أنّ آلامه بعد ذلك الإسقاط أشد ، كل ذلك يسلب منه ذكر الراحة وإحساس الخفة.

لكن الأساس غير ثابت ، وما الدليل على أنّه تعلّقت مشيئته سبحانه بعدم إحساس أهل النار خفة العذاب في برهة إذا كان التخفيف عوضاً؟ وما ورد في الكتاب العزيز في غير واحد من السور من أنّه لا يخفف عنهم العذاب (١) ناظر إلى التخفيف من غير سبب.

__________________

(١) البقرة : ٨٦ ، ١٦٢ ، آل عمران : ٨٨ ، النحل : ٨٥ ، فاطر : ٣٦ ، غافر : ٤٩.

۳۰۸۱