قال : ويدخله التخييرُ.

أقول : هذا هو الحكم الخامس ، وهو أنّ اللطف لا يجب أن يكون معيناً ، بل يجوز أن يدخله التخيير ، بأن يكون كل واحد من الفعلين قد اشتمل على جهة من المصلحة المطلوبة من الآخر فيقوم مقامه ويسد مسدّه ، أمّا في حقنا فكما في الكفارات الثلاث ، وأمّا في حقه تعالى فلجواز أن يخلق لزيد ولداً يكون لطفاً له وإن كان يجوز حصول اللطفية بخلق ولد غير ذلك الولد من أجزاء غير أجزاء الولد الأول وعلى صورة غير صورته ، وحينئذ لا يجب أحد الفعلين بعينه بل يكون حكمه حكم الواجب المخيّر.

قال : بشرط حسنِ البدلَيْن.

أقول : لما ذكر أنّ اللطف يجوز أن يدخله التخيير نبّه على شرط كل واحد من البدلين ، أعني اللطف وبدله ، وأطلق على كل واحد منهما اسم البدل بالنظر إلى صاحبه إذ ليس أحدهما بالأصالة أولى من الآخر ، وذلك الشرط كون كل واحد منهما حسناً ليس فيه وجه قبح ، وهذا مما لم تتفق الآراء عليه ، فإنّ جماعة من العدلية ذهبوا إلى تجويز كون القبيح كالظلم منّا لطفاً قائماً مقام إمراض الله تعالى.

واستدلوا بأن وجه كون الألم من فعله تعالى لطفاً هو حصول المشاق وتذكر العقاب وذلك حاصل بالظلم منّا فجاز أن يقوم مقامه.

وهذا ليس بجيد لأن كونه لطفاً جهة وجوب والقبيح ليس له جهة وجوب ، واللطف إنّما هو في علم المظلوم بالظلم لا في نفس الظلم ، كما نقول : إنّ العلم بحسن ذبح البهيمة لطف لنا وإن لم يكن الذبح نفسه لطفاً.

۳۰۸۱