وقد يكون اللطف محصِّلاً ، وهو ما يحصل عنده الطاعة من المكلف على سبيل الاختيار ، ولولاه لم يطع (١) مع تمكنه في الحالين ، وهذا بخلاف

__________________

ـ كان موجباً لقرب المكلّف إلى فعل الطاعة ، والبعد عن فعل المعصية ، فهو لطف مقرّب ، ولو ترتبت عليه الطاعة فهو لطف محصّل.

ثمّ إنّ بعض المتكلمين اكتفى بذكر المحصِّل وحده ، واكتفى لفيف منهم بذكر المقرّب وحده ، وهناك من ذكر كلا القسمين :

فمن الأوّل : المتكلم الشيعي النوبختي في الياقوت ، حيث فسّره بقوله : «اللطف أمر يفعله الله تعالى بالمكلّف لا ضرر فيه يُعلم عند وقوع الطاعة منه ولولاه لم يُطَع» (١).

ومن الثاني : الشيخ المفيد ، قال : «اللطف ما يقرب المكلّف معه إلى الطاعة ويبعد عن المعصية ، ولاحظ له في التمكين ، ولم يبلغ الإجبار» (٢).

ومن الثالث : القاضي عبد الجبار ، قال : «إنّ اللطف هو كل ما يختار عنده المرء الواجبَ ويتجنب عن القبيح ، أو يكون عنده أقرب إمّا إلى اختيار الواجب أو إلى ترك القبيح» ، (٣) والعلّامة الحلي في أنوار الملكوت(٤) ، وأشار الشارح إلى كلا القسمين.

وعلى ضوء ذلك فليس هنا لطفان مختلفان بل كلاهما في الحقيقة أمر واحد ، غير أنّه إن ترتبت عليه الطاعة يكون محصّلاً ، فكونه مقرِّباً فعل الله سبحانه ، وأمّا كونه محصّلاً أمر انتزاعي ينتزع منه بعد حصول الغاية.

غير أنّ العناية باللطف المقرّب في الكتب الكلامية أكثر من المحصّل.

(١) قال بعض الشراح : إنّه قيد المقرّب ، وانّ قوله : «وقد يكون ـ إلى قوله ـ : الاختيار» جملة معترضة.

__________________

(١) لاحظ أنوار الملكوت في شرح الياقوت للعلامة الحلي : ١٥٢ ، وقوله يعلم بصيغة المجهول.

) المفيد : النكت الاعتقادية : ٣١ ، وتبعه المحقق الطوسي في تلخيص المحصل : ٣٤٢ ، وابن ميثم في قواعد المرام : ١١٧.

(٣) القاضي عبد الجبار : شرح الأصول الخمسة : ٥١٩.

) العلامة الحلي : أنوار الملكوت : ١٥٣ ـ ١٥٤ ، قال : وقسم المعتزلة اللطف إلى قسمين :

أحدهما : ما يختار عنده المكلف الطاعة ويسمى توفيقاً أو يختار عنده ترك القبيح ويسمى عصمة.

ثانيهما : ما يقرب من الطاعة ويقوى داعيه إليها.

۳۰۸۱