وثانياً : أنّ لازم القول المذكور أن يبنى على عدم الوجوب فيما إذا اقترن بالأمر عامّ يدلّ على الإباحة في عنوانٍ يشمل بعمومه مورد الأمر.

وتوضيح ذلك : أنّه إذا بنينا على أنّ اللفظ بنفسه يدلّ على الوجوب فالأمر في الحالة التي أشرنا اليها يكون مخصِّصاً لذلك العامّ الدالّ على الإباحة ومخرجاً لمورده عن عمومه ؛ لأنّه أخصّ منه ، والدالّ الأخصّ يقدَّم على الدالّ العامّ ، كما تقدّم (١).

وأمّا إذا بنينا على مسلك المحقّق النائيني المذكور فلا تعارض ولو بنحوٍ غير مستقرٍّ بين الأمر والعامّ ، ليقدّم الأمر بالأخصية ؛ وذلك لأنّ الأمر لا يتكفّل الدلالة على الوجوب بناءً على هذا المسلك ، بل المتعيّن بناءً عليه أن يكون العامّ رافعاً لموضوع حكم العقل بلزوم الامتثال ؛ لأنّ العامّ ترخيص وارد من الشارع ، وحكم العقل معلّق على عدم ورود الترخيص من المولى ، مع أنّ بناء الفقهاء والارتكاز العرفيّ على تخصيص العامّ في مثل ذلك والالتزام بالوجوب.

وثالثاً : أنّه قد فرض أنّ العقل يحكم بلزوم امتثال طلب المولى معلّقاً على عدم ورود الترخيص من الشارع ، وحينئذٍ نتساءل : هل يراد بذلك كونه معلّقاً على عدم اتّصال الترخيص بالأمر ، أو على عدم صدور الترخيص من المولى واقعاً ولو بصورةٍ منفصلةٍ عن الأمر ، أو على عدم إحراز الترخيص ويقين المكلّف به؟ والكلّ لا يمكن الالتزام به.

أمّا الأول فلأ نّه يعني أنّ الأمر إذا ورد ولم يتّصل به ترخيص تمّ بذلك موضوع حكم العقل بلزوم الامتثال ، وهذا يستلزم كون الترخيص المنفصل منافياً لحكم العقل باللزوم ، فيمتنع ، وهذا اللازم واضح البطلان.

وأمّا الثاني فلأ نّه يستلزم عدم إحراز الوجوب عند الشكّ في الترخيص

__________________

(١) في بحث التعارض من الحلقتين الاولى والثانية.

۶۰۸۷