وأمّا ظهور الجواب في التخيير الواقعي فباعتبار أنّه المناسب مع حال الإمام عليه‌السلام ، العارف بالأحكام الواقعية والمتصدّي لبيانها (١) فيما اذا كان السؤال عن واقعةٍ معيّنةٍ بالذات.

وثانياً : لو تنزّلنا وافترضنا أنّ النظر إلى مرحلة الحكم الظاهري والحجّية فلا يمكن أن يستفاد من الرواية التخيير في حالات التعارض المستقرّ ؛ لأنّ موردها التعارض بين مضمونين بينهما جمع عرفي بحمل النهي على الكراهة بقرينة الترخيص ، فقد يراد بالتخيير حينئذٍ التوسعة في مقام العمل بالأخذ بمفاد دليل الترخيص أو دليل النهي ؛ لعدم التنافي بينهما ؛ لكون النهي غير إلزامي ، لاجعل الحجّية التخييرية بالمعنى المدّعى.

ومنها : مكاتبة الحميري عن الحجّة عليه‌السلام ، إذ جاء فيها : يسألني بعض الفقهاء عن المصلّي إذا قام من التشهّد الأول إلى الركعة الثالثة هل يجب عليه أن يكبّر ، فإنّ بعض أصحابنا قال : لا يجب عليه التكبير ويجزيه أن يقول : بحول الله وقوته أقوم وأقعد؟ فكتب عليه‌السلام في الجواب : «إنّ فيه حديثين : أمّا أحدهما فإنّه إذا انتقل من حالةٍ إلى حالةٍ اخرى فعليه التكبير ، وأمّا الآخر فإنّه روي : إذا رفع رأسه من السجدة الثانية وكبّر ثمّ جلس ثمّ قام فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير ، وكذلك التشهّد الأول يجري هذا المجرى ، وبأيِّهما أخذت من جهة التسليم كان صواباً» (٢).

وفقرة الاستدلال منها : قوله عليه‌السلام : «وبأيِّهما أخذت من جهة التسليم كان صواباً» ، والاستدلال بها لعلّه أوضح من الاستدلال بالرواية السابقة ، باعتبار كلمة

__________________

(١) كلمة «لبيانها» غير موجودة في الطبعة الاولى ، وقد أثبتناها طبقاً لما جاء في النسخةالخطيّة الواصلة إلينا.

(٢) وسائل الشيعة ٦ : ٣٦٣ ، الباب ١٣ من أبواب السجود ، الحديث ٨.

۶۰۸۷