والقضية الخارجية : هي القضية التي يَجعل فيها الحاكم حكمه على أفرادٍ موجودةٍ فعلاً في الخارج في زمان إصدار الحكم ، أو في أيّ زمانٍ آخر ، فلو اتيح لحاكمٍ أن يعرف بالضبط من وُجِد ومن هو موجود ومن سوف يوجَد في المستقبل من العلماء فأشار إليهم جميعاً وأمر بإكرامهم فهذه قضية خارجية.

والقضية الحقيقية : هي القضية التي يلتفت فيها الحاكم إلى تقديره وذهنه بدلاً عن الواقع الخارجي ، فيشكِّل قضيةً شرطية ؛ شرطها هو الموضوع المقدَّر الوجود ، وجزاؤها هو الحكم ، فيقول : إذا كان الإنسان عالماً فأكْرِمه ، وإذا قال : «أكْرِم العالم» قاصداً هذا المعنى فالقضية روحاً شرطيّة وإن كانت صياغةً حمليّة.

وهناك فوارق بين القضيتين : منها ما هو نظري ، ومنها ما يكون له مغزىً عملي.

فمن الفوارق أنّنا بموجب القضية الحقيقية نستطيع أن نشير إلى أيّ جاهلٍ ونقول : لو كان هذا عالماً لوجب إكرامه ؛ لأنّ الحكم بالوجوب ثبت على الطبيعة المقدّرة ، وهذا مصداقها ، وكلّما صدق الشرط صدق الجزاء ، خلافاً للقضية الخارجية التي تعتمد على الإحصاء الشخصيِّ للحاكم ، فإنّ هذا الفرد الجاهل ليس داخلاً فيها ، لا بالفعل ولا على تقدير أن يكون عالماً.

أمّا الأوّل فواضح ، وأمّا الثاني فلأنّ القضية الخارجية ليس فيها تقدير وافتراض ، بل هي تنصبّ على موضوعٍ ناجز.

ومن الفوارق : أنّ الموضوع في القضية الحقيقية وصف كلّيّ دائماً يفترض وجوده فيرتّب عليه الحكم ، سواء كان وصفاً عرضياً كالعالم ، أو ذاتياً كالإنسان.

وأمّا الموضوع في القضية الخارجية فهو الذوات الخارجية ـ أي ما يقبل أن يُشار إليه في الخارج بلحاظ أحد الأزمنة ـ ومن هنا استحال التقدير والافتراض فيها ؛ لأنّ الذات الخارجية وما يقال عنه (هذا) خارجاً لا معنى لتقدير وجوده ، بل هو

۶۰۸۷