مع عدم وصوله؟

الثانية : أنّ النهي الذي جعل غايةً هل يشمل النهي الظاهري المستفاد من أدلّة وجوب الاحتياط ، أوْ لا؟

فعلى الأول تكون البراءة المستفادة ثابتةً بدرجةٍ يصلح دليل وجوب الاحتياط للورود عليها. وعلى الثاني تكون بنفسها نافيةً لوجوب الاحتياط.

أمّا النقطة الاولى فقد يقال بتردّد الورود بين الصدور والوصول ، وهو موجب للإجمال الكافي لإسقاط الاستدلال. وقد تُعيَّن إرادة الوصول بأحد وجهين :

الأوّل : ما ذكره السيّد الاستاذ (١) من أنّ المغيّى حكم ظاهري ، فيتعيّن أن تكون الغاية هي الوصول لا الصدور ؛ لأنّ كون الصدور غايةً يعني أنّ الإباحة لا تثبت إلاّمع عدم الصدور واقعاً ، ولا يمكن إحرازها إلاّبإحراز عدم الصدور ، ومع إحرازه لا شكّ فلا مجال للحكم الظاهري.

فإن قيل : لماذا لا يفترض كون المغيّى إباحةً واقعية؟

كان الجواب منه : أنّ الإباحة الواقعية والنهي الواقعي الذي جعل غايةً متضادّان ، فإن اريد تعليق الاولى على عدم الثاني حقيقةً فهو محال ؛ لاستحالة مقدّمية عدم أحد الضدين للضدّ الآخر. وإن اريد مجرّد بيان أنّ هذا الضد ثابت حيث لا يكون ضده ثابتاً فهذا لغو من البيان ؛ لوضوحه.

ويرد على هذا الوجه : أنّ النهي عبارة عن الخطاب الشرعي الكاشف عن التحريم ، وليس هو التحريم نفسه. والتضادّ نفسه لا يقتضي تعليق أحد الضدّين على عدم الضد الآخر ، ولا على عدم الكاشف عن الضد الآخر ، ولكن لا محذور

__________________

(١) مصباح الاصول ٢ : ٢٨٠.

۶۰۸۷