وحينئذٍ نتساءل : أنّ وجوبها هل هو تعييني أو تخييري؟

والجواب هو : أنّه تخييري ، ولا يحتمل أن يكون تعيينياً ؛ لوضوح أنّ هذا المريض كان بإمكانه أن يؤخِّر صلاته إلى آخر الوقت فيصلّي عن قيام. وإذا كان وجوبها تخييرياً فهذا يعني وجود عِدلَين وبديلَين يخيَّر المكلف بينهما فإن كان هذان العِدلان هما الصلاة الاضطرارية والصلاة الاختيارية فقد ثبت المطلوب ؛ لأنّ معنى ذلك أنّ الواجب هو الجامع بين الصلاتين وقد حصل ، فلا موجب للإعادة. وإن كان هذان العِدلان هما : مجموع الصلاتين من ناحيةٍ ، والصلاة الاختيارية من ناحيةٍ اخرى ؛ بمعنى أنّ المكلف مخيّر بين أن يصلّي من جلوسٍ أوّلاً ومن قيامٍ أخيراً ، وبين أن يقتصر على الصلاة من قيامٍ في آخر الوقت ، فهذا تخيير بين الأقلّ والأكثر ، وهو مستحيل ، وبهذا يتبرهن الإجزاء.

وأمّا إذا كان الأمر الاضطراري مقيّداً باستيعاب العذر لتمام الوقت : فتارة يصلّي المريض في أوّل الوقت ثمّ يرتفع عذره في الأثناء ، واخرى يصلّي في جزءٍ من الوقت ، ويكون عذره مستوعباً للوقت حقّاً.

ففي الحالة الاولى لا يقع ما أتى به مصداقاً للواجب الاضطراري ، إذ لا أمر اضطراريّ في هذه الحالة ليبحث عن دلالته على الإجزاء.

وفي الحالة الثانية لا مجال للإعادة ، ولكن يقع الكلام عن وجوب القضاء ، فقد يقال بعدم وجوب القضاء ؛ لأنّ الأمر الاضطراري يكشف عقلاً عن وفاء متعلّقه بملاك الواجب الاختياري ، إذ لولا ذلك لمَا امِر به ، ومع الوفاء لافوت ليجب القضاء.

ولكن يرد على ذلك : أنّ الأمر الاضطراري يصحّ جعله في هذه الحالة إذا كانت الوظيفة الاضطرارية وافيةً بجزءٍ من ملاك الواقع مع بقاء جزءٍ آخر مهمٍّ لابدّ من استيفائه ، إذ في حالةٍ من هذا القبيل يمكن للمولى أن يأمر بالوظيفة

۶۰۸۷