والتحقيق في ذلك : أنّ قيمة احتمال كذب الجميع ضئيلة جدّاً ؛ لوجود مضعِّفٍ وهو عدد الاحتمالات التي ينبغي أن تضرب قيمها من أجل الحصول على قيمة احتمال كذب الجميع ، وكلّما كانت عوامل الضرب كسوراً تضاءلت نتيجة الضرب تبعاً لزيادة تلك العوامل ، وهذا مانسمّيه بالمضعِّف الكمّي ، فيكون احتمال كذب الجميع ضئيلاً جدّاً ، ويحصل في المقابل اطمئنان بصدق واحدٍ على الأقل ، ولكنّ هذا الاطمئنان يستحيل أن يتحوّل إلى يقينٍ بسبب الضآلة.

ووجه الاستحالة : أنّنا نعلم إجمالاً بوجود مائة خبرٍ كاذبٍ في مجموع الأخبار ، وهذه المائة التي التقطناها تشكّل طرفاً من أطراف ذلك العلم الإجمالي ، وقيمة احتمال انطباق المعلوم الإجماليّ عليها تساوي قيمة احتمال انطباقه على أيّ مائةٍ اخرى تجمع بشكلٍ آخر ، فلو كان المضعِّف الكمّي وحده يكفي لإفناء الاحتمال لزال احتمال الانطباق على أيّ مائةٍ نفرضها ، وهذا يعني زوال العلم الإجمالي ، وهو خلف.

وهكذا نعرف أنّ درجة احتمال صدق واحدٍ من الأخبار على الأقلّ تبقى اطمئناناً ، وحجّية هذا الاطمئنان مرتبطة بتحديد مدى انعقاد السيرة العقلائية على العمل بالاطمئنان ، وهل تشمل الاطمئنان الإجماليّ المتكوّن نتيجة جمع احتمالات أطرافه ، أوْ لا؟ إذ قد يمنع عن شمول السيرة لمثل هذه الاطمئنانات الإجمالية.

الحالة الثانية : أن يوجد بين المدلولات الخبرية جانب مشترك يشكِّل مدلولاً تحليلياً لكلّ خبرٍ : إمّا على نسق المدول التضمّني ، أو على نسق المدلول الالتزامي مع عدم التطابق في المدلول المطابقي بكامله ، كالإخبارات عن قضايا متغايرةٍ ولكنّها تتضمّن جميعاً مظاهر من كرم حاتم مثلاً.

ولا شكّ هنا في وجود المضعِّف الكمّي الذي رأيناه في الحالة السابقة ،

۶۰۸۷