اللغوي ؛ لأنَّ السيرة الاولى تقتضي سلوكاً لا يُقرّه الشارع إذا كان لا يرى الحيازة سبباً للملكية.

وأمّا ما تقتضيه السيرة الثانية من سلوكٍ فلا يتجاوز الالتزام بأنّ قول اللغويّ منجِّز ومعذّر في علاقات الآمرين بالمأمورين من العقلاء ، ولا يضرّ الشارع ذلك على أيِّ حال.

فإن قال قائل : لماذا لا يفترض بناء العقلاء على أنّ قول اللغويّ حجّة بلحاظ كلّ حكمٍ وحاكمٍ وأمرٍ وآمرٍ بما فيهم الشارع ، فيكون هذا البناء مضرّاً بالشارع إذا لم يكن قد جعل الحجّية لقول اللغوي؟

قلنا : إنّ كون قول اللغويِّ منجِّزاً لحكمٍ أو معذِّراً عنه أمر لا يعقل جعله واتّخاذ قرارٍ به إلاّمن قبل جاعل ذلك الحكم بالنسبة إلى مأموره ومكلَّفه ، فكلّ أبٍ ـ مثلاً ـ قد يجعل الأمارة الفلانية حجّةً بينه وبين أبنائه بلحاظ أغراضه التشريعية التي يطلبها منهم ، ولا معنى لِأنْ يجعلها حجّةً بالنسبة إلى سائر الآباء الآخرين مع أبنائهم.

وهكذا يتّضح أنّ الحجّية المتبانى عليها عقلائياً إنّما هي في حدود الأغراض التشريعية لأصحاب البناء أنفسهم ، فلا يضرّ الشارع ذلك.

وليس بالإمكان تصحيح الاستدلال بالسيرة على الحجّية بأفضل من القول بأنّها تمسّ الشارع ؛ لأنّها توجب ـ على أساس العادة ـ الجريَ على طبقها حتّى في نطاق الأغراض التشريعية لمولىً لم يساهم في تلك السيرة ، وتوحي ـ ولو ارتكازاً وخطأً ـ بأنّ مؤدّاها مورد الاتّفاق من الجميع ، وبذلك تصبح مستدعيةً للردع على فرض عدم التوافق ، ويكون السكوت عندئذٍ كاشفاً عن الإمضاء.

وبهذا نعرف أنّ الشرط في الاستدلال بالسيرة العقلائية على الحجّية بمعناها

۶۰۸۷