الآمر : (أكرم العالم) ولا يدري المأمور أنّ كلمة (العالم) هل تشمل من كان لديه علم وزال علمه ، أوْ لا؟ فيرجع إلى قول اللغوي ؛ لتكون شهادته بالشمول منجِّزةً وحجّةً للمولى على المكلف ، وشهادته بعدم الشمول معذِّرةً وحجّةً للمأمور على المولى.

وعلى هذا فبناء العقلاء على الرجوع إلى اللغويِّ والتعويل على الظنّ الناشئ من قوله : إن كان المقصود منه بناء العقلاء في المقام الأول فهذا لا يعني حجّية قول اللغويّ بالمعنى الاصولي ، أي المنجِّزية والمعذِّرية ؛ لأنّ التنجيز والتعذير إنّما يكون بالنسبة إلى الأغراض التشريعية التي فيها آمر ومأمور ، لا بالنسبة إلى الأغراض التكوينية ، فلا يمكن أن يستدلّ بالسيرة المذكورة على الحجِّية شرعاً.

وإن كان المقصود بناء العقلاء في المقام الثاني فمن الواضح أنّ جعل شيءٍ منجِّزاً أو معذِّراً من شأن المولى والحاكم ، لا من شأن المأمور ، فمردّ بناء العقلاء على جعل قول اللغويِّ منجِّزاً ومعذِّراً إلى أنّ سيرة الآمرين انعقدت على أنّ كلّ آمرٍ يجعل قول اللغويِّ حجّةً في فهم المأمور لِمَا يصدر منه من كلامٍ بنحوٍ ينجِّز ويعذِّر.

وبعبارةٍ أشمل : أنّ سيرة كلِّ عاقلٍ اتّجهت إلى أنّه إذا قُدِّر له أن يمارس حالةً آمريةً يجعل قول اللغويِّ حجّةً على مأموره ، ومن الواضح أنّ السيرة بهذا المعنى لا تفوِّت على الشارع الأقدس غرضه ، حتّى إذا لم يكن قد جعل قول اللغويِّ حجّةً ومنجِّزاً ومعذِّراً بالنسبة إلى أحكامه ؛ وذلك لأنّ هذه السيرة يمارسها كلّ مولىً في نطاق أغراضه التشريعية مع مأموريه ، ولا يهمّ الشارع الأغراض التشريعية للآخرين.

فكم فرقٍ بين سيرة العقلاء على ملكية الحائز وسيرتهم على حجّية قول

۶۰۸۷