وما انْفَكَ ، نحو : ما انْفَكَ زَيْدٌ عالِماً.

واعلم : انّ هذه الأفعال الأربعة للدلالة على استمرار خبرها لاسمها مُذْ كان قَبِلَهُ ، أي في زمان يمكن قبول الخبر في المعتاد ، مثل : ما زال زَيدٌ أميراً ، أي : مذ كانَ قابلاً للإمارة ، لا في حال كونه طفلاً فيلزمها النفي ليدلّ على استمرار خبرها لفاعلها ، فيكون هذه الأفعال حينئذٍ بمنزلة كان ، لكون هذه الأفعال للنفي ودخول حرف النفي على النفي مستلزم للإثبات ، لأنّ حرف النفي إذا دخلت على النفي أفادت الإثبات ولهذا لم يجز أن يقال : ما زال زيدٌ إلّا قائماً ، كما لم يجز أن يقال : كان زيدٌ إلّا عالماً.

وما دام : لتوقيت أمر بمدة ثبوت خبرها لاسمها ، نحو : اجْلِسْ ما دام زيد جالساً ، ومن ثمّ احتاجَت إلى كلام فيما قبلها لأنّها ظرف والظرف يحتاج إلى كلام لأنّه فضلة والفضلة لا تجيء إلّا بعد المسند والمسند إليه.

وليس : لنفي مضمون الجملة حالاً عند أكثرهم لاستعمال العرب كذلك ، نحو : لَيْسَ زَيْدٌ قائماً ، الآن ، ولا تقول : غداً ، وقيل مطلقاً أي : حالاً كان ، أو غيره كما قال الله تعالى : «أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ» (١) ، أي : الْعَذاب فهذه لنفي المستقبل لكون العذاب غير مصروف عنهم يوم القيامة.

واعلم : أنّه يجوز تقديم أخبارها كلّها على اسمها نحو : كانَ قائماً زَيْدٌ ، لكونها أفعالاً ، وجواز تقديم المنصوب على المرفوع لقوّتها ، وفي تقديم الأخبار على الأفعال ثلاثة أقسام : قسم يجوز وهو من كان إلى

____________________________

(١) هود : ٨.

۶۳۲۱