من حزازة (١).

قيل : انّ المضارع موضوع للحال والاستعمال في الاستقبال مجاز وقيل : بالعكس والصحيح أنّه مشترك بينهما لأنّه يطلق عليهما اطلاق كلّ مشترك على أفراده هذا ولكن تبادر الفهم الى الحال عند الإطلاق من غير قرينة ينبئ عن كونه أصلاً في الحال وايضاً من المناسب أن تكون لها صيغة خاصّة كما للماضي والمستقبل.

[ واذا دخلتْ عليه ] أي على المضارع [ السين أو سوف فقلت : سَيفعل أو سوف يفعل ، اختصّ بزمان الاستقبال ] لأنّهما حرفا استقبال وضعاً وسمّيا حَرفَى تنفيس ، ومعناه تأخير الفعل في الزّمان المستقبل وعدم التّضييق في الحال يقال : نفّسته أي وَسَعْتُه وسَوف اكثر تنفيساً وقد يخفّف بحذف الفاء فيقال : سَوْ ، وقد يقال : سَي بقلب الواو ياءً وقد يحذف الواو فتسكن الفاء الّذي كان متحرّكاً لاجل السّاكنين ، ويقال : سَفْ أفعل وقيل : إنّ السين منقوص من سوف دلالة بتقليل الحرف على تقريب الفعل قبل.

[ واذا ادخلت عليه لام الابتداء اختصّ بزمان الحال نحو : قولك لَيَفْعَلُ وفي التنزيل : إنّي لَيَحْزُنُني ] امّا في قوله تعالى : «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ» (٢) و «لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا» (٣) فقد تمحضّت اللّام للتّوكيد فيهما مُضْمَحِلّاً عنها معنى الحاليّة لأنّها انّما تفيد ذلك اذا دخلت على المضارع المحتمل لهما لا المستقبل الصّرف وفي قوله : «إِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (٤) ينزل منزلة الحال اذ لا شكّ في وقوعه وأمثال ذلك في كلام الله كثيرة.

____________________________

(١) قوله : لا يخلو من حزازة بفتح الحاء المهملة والزائين المعجمتين ، قال في المنتهى : حزارة بالفتح سوزش دل از خشم وجز آن.

(٢) الضحى : ٥

(٣) مريم : ٦٦.

(٤) النحل : ١٢٤.

۶۳۲۱